قدّم التطوّر التقني في الطباعة والنسخ الرقمي فضاء أوسع لاستخدام الخط العربي خلال السنوات الماضية في وقت يتراجع تعليم الخطوط في مدارسها المختلفة بالطرق اليدوية، مقابل من يرى أن التكنولوجيا أفقدت الخطاطين مكانتهم مع تزايد حضور الخطوط التي يتم إنشاؤها بواسطة الكمبيوتر ويستخدمها معظم الناس بديلاً عن الأنماط الكلاسيكية المعروفة.
الجدل في هذا المجال وغيره لم يغب عن فعاليات الدورة السادسة من "ملتقى القاهرة الدولي لفن الخط العربي" التي انطلقت الثلاثاء الماضي في "دار الأوبرا" بالعاصمة المصرية، وتُختتم عند السادسة من مساء غدٍ الإثنين بتنظيم من "قطاع صندوق التنمية الثقافية" و"قطاع الفنون التشكيلية".
تحمل الدورة الحالية اسم الخطاط والآثاري المصري يوسف أحمد (1869 – 1942) الذي تعلّم الرسم والزخرفة والخط، وعيّن خطاطاً ورساماً في لجنة حفظ الآثار العربية سنة 1891، إذ قام بعمل العديد من الدراسات حول الخط الكوفي واستطاع إحياء حوالي سبعة وعشرين نوعاً منه، ووضع عدداً من المؤلّفات منها سلسلة "أعلام الخط العربي الأربعة والأربعون"، إلى جانب كتابين بعنوان "قواعد الخط الكوفي"، و"كراسة الخط الكوفي"، كما ابتكر أساليب جديدة في الخط تحمل سمات وخصائص غير مسبوقة، إلى جانب ممارسته البحث والتدريس.
احتضن الملتقى الذي رفع شعار "علّم بالقلم" ندوة فكرية تضمّنت عدداً من الأوراق البحثية، هي: "جماليات الخط العربي" لـ محمد زينهم، و"لمحة عن مسابقة الخط العربي على مستوى مدارس الجمهورية" لـ أحمد منصور، و"تصور مقترح للتغلب على بعض مشكلات تعليم الخط العربي باستخدام فلسفة البديل" لـ محمد محمد العربي، و"أهمية تدريس الخط العربي" لـ منى السيسي، و"انتشار تقنيات الخط الكوفي التربيعي" لـ مأمون الصقال، و"الخط العربي بين مصر ولبنان" لـ جمال نجا، و"تاريخ إحياء الخطوط المملوكية (أنماط الثلث المملوكي بين الحرف والتكوين والاستخدام" لـ محمد حسن، و"ظاهرة الكتابة الجدرانية.. نشأتها وأبرز أشكالها" لـ أحمد عبد الغني رضوان.
كما يكّرم المنظّمون كلّاً من الخطاطين السوري مصطفى محمد النجار الذي تعلّم على يد عبد الرحمن الفاخوري ومحمود الهواري وجمال بوستان، قام برسم نسخة من القرآن الكريم بخط النسخ، ودرّس خطّ التعليق على مدار عدّة عقود، والأردني إبراهيم أبو طوق الذي تعلّم الخط في السبعينيات ويعتبر الموسيقى والنحت والعمارة مؤثرات أساسية في تجربته، والمصريين مصطفى العمري الذي نال درجة البكالوريوس في الغرافيك ودرجتي الدبلوم في الخط والتذهيب والفنون الجميلة وشارك في عشرات المعارض، وأحمد المصري الذي يدرّس خطي الرقعة والثلث، والإماراتية فاطمة البقالي التي درست على يد حسن جلبي وداود بكتاش وتتقن خطوط الرقعة والديواني والجلي ديواني والنستعليق الفارسي.
ويشارك في الملتقى حوالي مئة وثلاثة وخمسون خطاطاً، منهم ثائر الأطرقجي وجاسم حميد من العراق، ومحمد سحنون من تونس، وسعيد عبد القادر من مصر، إلى جانب عقد ورش مختلفة منها "اللوحة الحروفية وكيفية إخراجها على ورق الكانسون باستخدام الأحبار الملونة" ويقدّمها الفنان العراقي جاسم حميد علوان، و"خط الرقعة" ويقدمها الفنان المصري أحمد عادل.