في إطار استعَادات وزارة الثقافة المصرية لعقد العشرينيات من القرن الماضي، الذي شهد العديد من السجالات والتنظيرات البارزة في الثقافة العربية بين تيارات الحداثة في مختلف مجالات الثقافة والفنون، يقام معرض "الفنّ المصري في عشرينيات القرن الماضي" الذي يضمّ أعمالاً لعشرين من رموز الجيل الأول من التشكيليين المصريين.
مراجعة تلك المرحلة ترافقت مع ندوة متخصصّة حولها بمشاركة عدد من النقاد والباحثين، الأمر نفسه ينسحب على معرض "المعماريون الرواد في عشرينيات القرن الماضي" الذي افتتح مساء أمس الأحد بـ"مركز الهناجر للفنون" في ساحة دار الأوبرا المصرية بالقاهرة، ويتواصل لثلاثة أيام.
يضيء المعرض فترة لم تحظ باهتمام الدارسين حتى الثمانينيات في تتبّع أنماط المعمار المتنوعة التي ظهرت على يد عدد من المعماريين الذين تأثّروا بمدارس مختلفة، وقدّموا أيضاً تنظيرات حول التطور العمراني للعاصمة المصرية التي تضاعف عدد سكّانها نحو ستين ضعفاً منذ بدايات تحديثها في عهد محمد علي باشا.
وتُعرض صور المباني والتصميمات المعمارية التي وُضعت منذ العشرينيات، والتي لم يجرِ العمل على توثيقها إلا في وقت متأخر أيضاً، حيث لم تكن هناك هيئات رسمية أو خاصة تعمل على توثيق وأرشفة العمارة في مصر.
يضيء المعرض أسماء، مثل صابر صبري وأنطوان سليم نحاس وحسن فتحي وعلي لبيب وآخرين
من بين الأعمال المعروضة، مشاريع للمعماري صابر صبري (1845 – 1915) الذي لم يتلق دراسته الأكاديمية في الخارج خلافاً لعدد من مجايليه، إذ تخرّج من "المهندسخانة" (المدرسة التي تأسّست عام 1816 من أجل تدريب متخصصين على المساحة والرسم المعماري)، وسعى إلى إعادة إحياء العمارة المملوكية في تصميمه لمعالم مثل مبنى وزارة الأوقاف ومسجد أولاد عنان.
أما المعماري محمود فهمي (1886 – 1972)، فتلقّى دراسته في "المدرسة الوطنية للجسور والطرق" سنة 1912، وشغل منصب كبير المهندسين في وزارة الأشغال لسنوات طويلة قام خلالها بتصميم مبان منها مستشفى الجمعية الخيرية الإسلامية ومبنى الاتحاد النسائي وفيلا شريف صبري وغيرها.
كما تعرض أعمال المعماري أنطوان سليم نحاس (1901 – 1966) الذي تخرّج من "كلية الفنون والصناعات" في باريس، وصمّم العديد من العمارات التي لا تزال قائمة في القاهرة، إلى جانب "نادي الصيد المصري" وكنيسة قصر الدوبارة.
واحدة من أبرز محطّات المعرض تتمثّل في تجربة المعماري حسن فتحي (1900 – 1989)، الذي حاول في مشاريعه استعادة تقنيات من العمارة الريفية المصرية في إطار رؤيته لتحسين عمران الفقراء من خلال مبانٍ قليلة التكلفة تحافظ على جماليات التراث مع قدرتها على الاستدامة في ظلّ الظروف المناخية الصعبة في عدد من المناطق المصرية.
كما يضمّ المعرض أعمالاً لمعماريين منهم محمود باشا فهمي، وفرج أمين، ريموند أنطونيوس، وكمال إسماعيل، وأحمد شرمي، وعلي لبيب، ومحمد رأفت، وحسن ومصطفى شافعي، ورمسيس ويصا واصف، وغيرهم.
وعلى هامش الفعالية، أقيمت ندوة شارك فيها المعماريون محمد أبو سعدو بورقة عن معماريي عشرينيات القرن الماضي والتراث المعماري، وسهير زكي حواس حول رواد العمارة والهوية المصرية، وسيف الله أبو النجا حول التجمعات المهنية في عشرينيات القرن العشرين، وماجدة مصطفى عن التعليم المعماري خلال تلك الحقبة.