تتخذ رحلة السيد المسيح والسيدة مريم إلى مصر مكانة مهمة في المرجعيات المسيحية، في إشارة إلى مسارها الذي امتدّ نحو ثلاث سنوات، وعرفت محطات أساسية بين عدد من المدن والمعالم التي تمّ تسجيلها في الجداريات والأيقونات، بدءاً من بلدة الفرما التي كانت تعرف بـ"البيليزيوم"، وتقع بين مدينتي العريش وبور سعيد حالياً، حتى جبل قسقام بمحافظة أسيوط في الصعيد، حيث رجعا مرة أخرى إلى فلسطين بعد رحيل الملك هيرودس.
"رحلة العائلة المقدسة لمصر وتصويرها في الفن القبطي" عنوان المحاضرة التي تلقيها أستاذة الفن والأثار في مصر البيزنطية ماري ميساك عند السادسة من مساء اليوم الأحد في "المعهد الفرنسي" بالقاهرة، حيث تقيّمهاكحدث تاريخي لا يزال يحتفل بها في الأول من حزيران/ يونيو من كلّ عام.
وفي ندوات سابقة حول الموضوع نفسه، أوضحت المحاضِرة أن هذه الرحلة المقدسة تمّ تخليدها من خلال العديد من الأيقونات الشهيرة، والتي تصور عدّة مشاهد لتلك الرحلة الطويلة، الذي شمل خمسة وعشرين مساراً تزيد مسافتهم الكلية عن ألفي كيلومتر.
وتعتمد المصادر الرئيسية للرحلة فضلاً عما جاء في الكتب المقدسة، بحسب بيان المنظّمين، على السنكسار والدفنار والميامر والمخطوطات وتاريخ البطاركة وكتابات الآباء بالإضافة الى التراث الشفهي، الذي يلفت إلى أن رحلة العائلة المقدسة لمصر لم تكن بالأمر الهين، بل كانت شاقة، كما وصلت تحف أثرية تروي هذه الرحلة سواء كانت مرسومة على جداريات الكنائس أو قطع النسيج القبطي أو قطع من المعادن مثل المسارح أو المخطوطات. أما بالنسبة إلى الأيقونات فتوجد نماذج عديده تصور هذا الحدث يعكس مدارس فنية متنوّعة.
تمّ توثيق الرحلة على جداريات الكنائس وقطع النسيج وقطع من المعادن
تستعرض ميساك العديد من هذه الأعمال الفنية ومنها أيقونة تظهر السيدة العذراء تمتطي حماراً، حاملةً السيد المسيح، ويسير بجوارها يوسف النجار، كما تتناول أيقونة للسيدة العذراء تمتطي ظهر الحمار، وبجانبها يوسف النجار يحمل طفلها على كتفه بدلاً منها.
يُذكر أن الفن القبطي يستمّد موضوعاته من قصص وأحداث دينية وردت في الكتاب المقدس، وهو يشكّل امتداداً لما سبقه من فنون بيزنطية مع اختلاف الموضوعات التي تمّ تناولها، وقد شكّلت هذه الأيقونات بحسب العديد من الدراسات مرحعاً للوحة الحديث في المشرق العربي.