يقدّم معرض "روحانيات" الذي يفتتح الإثنين المقبل، الثاني عشر من الشهر الجاري، في "غاليري رؤى 32 للفنون" بعمّان تجارب في الخط العربي لأربعة من الفنانين العراقيين هم: حارث الحديثي وجاسم محمد وعماد الظاهر وعلي العبادي، ويتواصل حتى العشرين من أيار/ مايو المقبل.
ينزع جاسم محمد المقيم في الولايات المتحدة نحو رؤية حداثوية للحروفيات من خلال تحريرها من قوالبها التقليدية وجعلها مفردة تفي لوحته عبر أخذها إلى تكوين بصريّ في إيقاعاتها وحركتها مع الحفاظ على شكل الحرف ضمن بنائه الواقعي، كجزء من سعيه إلى المزج بين حداثوية تشكيلية وبين الدلالات الفلسفية والجمالية للحرف العربي.
ويعتمد في أعماله على بناء هندسي في تركيز على إبراز مستويات من الظلال والنور في شكل من التراكم والتكثيف على سطح اللوحة، وكذلك التباين بين الألوان المشرقة والمعتمدة في تدرجاتهما المختلفة والتي تعكس حيوية في اللغة البصرية ويخلق فوضى تحاكي حركة الكون الدائمة، وكأن الحروف مسيّرة أو هائمة في فضاءات حرّة مفتوحة، بحيث تبدو هذه العشوائية جزءاً من نسق أو نظام معين.
وبذلك ينزع محمد إلى تصوّر مفاهيمي للوحة، بعيداً عن الإغراق في التجريد عبر إيجاد علاقة متوازنة بين الكتلة والفراغ، وجعل الشكل تعبيراً عن بنية دقيقة توظّف الأضداد والتناقضات بين الحروف وتظهر قوة الخطوط وبراعة التلوين أيضاً.
أما عمّاد الظاهر، فيستند إلى تجربة في النحت يعيد من خلالها تناول الموروث البابلي والآشوري في أعمال تجمع بين الجسد الإنساني وكائنات أخرى في مناخات سوريالية، وهو يقدّم منحوتات تجسد الخيل العربي في جموحه، وتزاوج بينه وبين الحرف، مستغلاً ما في الحرف من جماليات وطاقة إبداعية توازي في قوتها جموح الخيل العربي وانسيابية جسده ورشاقته وعبقرية حركته.
تشكّل أعمال حارث الحديثي تطويراً للمدارس التقليدية في الخط العربي، وأبرزها المدرسة البغدادية، حيث قام بزخرفة وتذهيب عدد كبير من الأعمال، ومن بينها ستّة مصاحف يعود أقدمها إلى القرن السابع الهجري، إضافة إلى ترميمه مخطوطات إسلامية عديدة، ويستخدم أنواعاً عديدة من الخطوط، مثل الثلث الجلي.
من جهته، يهتمّ علي العبادي بالبعد الزخرفي في تصويره معاني النصوص القرآنية أو الأدبية عبر الإطارات الحروفية التي يبتكرها، لتضيف إلى جمالية الخط بعداً آخر ومميزاً في الشكل والتركيب عبر استخدام أساليب رسم وتشكيلات مختلفة.