يفتح الحديث عن الصِلات الثقافية والعائلية على معجم واسع من المفردات التي تساعد في التعبير عن عملية النقل ــ نقل المعارف والقيَم والرموز ــ الحاصلة في هذه الروابط؛ وهي مفرداتٌ تُحيلنا دائماً إلى التشبيك والانعقاد، مثل: الروابط، والخيوط، والنسيج وغيرها.
"سلسلة: رِحلة النظرات" هو العنوان الذي اختاره "معهد ثقافات الإسلام" في باريس للمعرض الذي يحتضنه حتى نهاية تمّوز/ يوليو الجاري، ويضمّ أعمالاً لثلاثة عشر فنّاناً وفنّانة من العراق والجزائر والمغرب ولبنان وإيران، يشتركون جميعاً في كونهم غادروا بلادهم ــ بخيارهم أو قسراً ــ للعيش في فرنسا، أو أنهم وُلدوا فيها لوالد أو والدين مهاجرين.
تتنوّع الأعمال المعروضة بين التجهيز والرسم والتصوير والفيديو، وهي موزّعة على ثلاثة أقسام يتمحوّر كلّ واحد منها حول ثيمة معيّنة. ففي الحُجرة المخصّصة لـ"شِعرية المنفى"، نقع على مجموعة من الأعمال للعراقي هيمت محمد علي، يُحاور فيها قصائد من "أغاني مهيار الدمشقي" لأدونيس، إلى جانب اشتغالات للإيرانية كتايون روحي تُسائل فيها المنفى.
ويلاحظ الزائر أهمّية اللغة، والشعر على وجه التحديد، في أعمال الفنانين، حيث تصبح القصيدة مركزاً للوحة ــ وإن لم تكن في وسطها ــ تنبني حولَه ألوانُها وخطوطها، كما تفعل كتايون روحي التي ترسم أشكالاً تذكّرنا بالمنمنمات، أو أطفالاً، بالقرب من قصائد للشاعر والتشكيلي سهراب سبهري.
يحمل القسم الثاني عنوان "رموزٌ تُعاد قراءتها"، حيث نقع فيه على اشتغالات تستعيد أغراضاً وتقاليد قارّة في الثقافات التي جاء منها الفنّانون، مثل الحنّة والسُبحة اللتين تستعيدهما ياسمين عبد الرحمن في مقاطعها المصوّرة.
رموزٌ يستمرّ حضورها ــ لكن مع تحويراتٍ أو إعادة قراءة نقدية ــ في القسم الثالث، "الصمتُ موروثاً"، وكذلك الرابع، "تاريخ الفن: مُساءلة التمثّلات"، كما في أعمال المغربية ـ الفرنسية رندا معروفي، التي تملأ إحدى حجرات المعرض بالسجّاد ــ وهو عندُها رمزٌ للعائلة ــ أو أعمال ريان ياسمينة، الذي يخلخل المخيال التقليدي حول الرجل العربي أو الشرقي في لوحاته.