"شيء من حياتي".. أبعد من سيرة فنّية لعبد الوهاب الدكالي

17 يوليو 2022
عبد الوهاب الدكالي
+ الخط -

كتابة الفنّان لسيرة حياته لا تعني حديثاً مجرّداً عن الفنون وتقنياتها بقدر ما تمثّل اندماجاً كلّياً بمسارات المرحلة التاريخية التي يعيش فيها، وتفاصيل الحياة التي ينتمي إليها. بهذه الطريقة من الفهم يمْكننا قراءة مذكّرات الفنّان المغربي عبد الوهاب الدكالي (1941) التي صدر الجزء الأوّل منها مؤخّراً عن "دار التوحيدي" بعنوان "شيء من حياتي".

يسردُ صاحب "يا الغادي في الطومبيل" (1959) في هذا الجزء حياتَه وهو المولود بفاس، ومن ثمّ تطلّعه منذ طفولته صوب الفنون عامّة، وكشفه عن موهبة أصيلة في الغناء بشكلٍ خاصّ، جمعت الزجل الشعبي بالموسيقى التراثية إلى جانب اللغة العربية الفصحى.

وتنقلُ المذكّرات القارئ إلى محطّة تأسيسية في حياة الدكالي الذي قاده شغفه بالعزف على آلة العود إلى الذهاب إلى مصر عام 1962؛ حيثُ التقى بجيل الروّاد من فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ وعبد الوهاب الذي يعدّه الفنان المغربي مُعلّماً له، وإن كان لم يتتلمذ عنده بطريقة مباشرة.

عبد الوهاب الدكالي - القسم الثقافي

اللافت أنّ هذا الكِتاب لم ينطلق فيه صاحبُه من موقف الحنين إلى الماضي والذكريات فحسب، بل هو "تسجيل صحيح لناحية من نواحي تاريخ الفن في بلادي" كما كتب، وهذا ما يؤكّد أنّ هذه السيرة وإن كانت شخصية إلا أنّها تستوعب الكثير من الأبعاد العامّة وتصنع منها إطاراً لوعي مشهد فنّي واسع في البلاد.

تضمّ المذكرات أيضاً صوراً ولوحات رسمها الفنان، وأحاديثاً مطوّلة في وصف العائلة التي نشأ فيها والمدارس التي ارتادها في طفولته، كما يتطرّق إلى الحديث عن مرحلة الاستعمار الفرنسي وأثر ذلك على دور الفنّ في تشكيل وعي مقاوم.

ومن الشخصيات المؤثّرة التي يوردُ صاحب "سوق البشرية" ذكرَها، أختُه فتيحة التي لعبت دوراً هاماً في دفعه إلى احتراف الفنّ والغناء، كما أنّها من أوائل الفتيات اللواتي استطعن شقّ طريقهن إلى المسرح. كذلك يحضر الفنّان حمّادي عمّور ودوره في التوجيه والتأطير الموسيقي في مسيرة الدكالي. وما بين الرحلة إلى مصر والغناء احتفالاً باستقلال الجزائر يعبّر هذا الجزء من المذكّرات عن مرحلة فنّية وسياسية مَرجعية في مشهد الفنون في المغرب.

يشار إلى أنّ الجزء الثاني من المذكّرات سيصدر في أيلول/ سبتمبر المقبل، أمّا الجزء الثالث فسيرى النور في مطلع العام المقبل، ويجمع هذه الأجزاء الثلاثة عنوانٌ واحد هو "ثلاثية الحب والفنّ".

المساهمون