"عالم اليوم": تغيّرات الواقع والعلوم الاجتماعية

04 نوفمبر 2020
أنطوني تايبس/ إسبانيا
+ الخط -

إذا كانت العلوم الاجتماعية - من التاريخ إلى العلوم السياسية مرواً بعلم النفس وعلم الاجتماع وعلم الاقتصاد والأنثروبولوجيا وعلم التربية وغيرها - تقيم مشروعيّتها على مقولة أنها تحاكي الواقع من خلال المفاهيم والنظريات، فإن أي تغيّر في هذ الأخير يعني بالضرورة تغيّرات في هذه الحقول المعرفية.

هذه الفرضية هي منطلق كتاب جماعي صدر مؤخراً بالفرنسية بعنوان "عالم اليوم: العلوم الاجتماعية زمن كوفيد-19"، وهو عمل صدر عن "منشورات سيونس بو"، وأشرف عليه ثلاثة باحثين هم: مارك لازار، وغيوم بلانتان، وإكزافييه راغو.

يشير التقديم إلى أن الأحداث الكبرى - ومنها الجائحة العالمية - تفرض رؤية العالم من زوايا جديدة، وهي بالتالي تخلق إضاءة على "غير المفكر فيه"، كما تقدّم دعوة ضمنية لتطوير أدوات المعرفة بحيث تصبح قادرة على مواجهة ما كان يُعتبر غير مفهوم.

يُعتبر الوباء الذي ظهر في الصين نهاية العام الماضي نموذجاً نادراً لـ"حدث عالمي"، حتى أن بعض الباحثين وصفوه بأنه أكثر حضوراً في الأذهان من مرور الكرة الأرضية بحرب عالمية، حيث تظهر العلوم الاجتماعية أنها مالت جميعها نحو التفكير في نقطة واحدة، وهو ما لا نجد حدثاً سابقاً عرف نفس الاهتمام، حتى تلك الأحداث التي اكتسحت وسائل الإعلام مثل حرب فيتنام أو حروب البلقان بداية التسعينيات أو أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001. 

عالم اليوم

يُجمع المشاركون في الكتاب على أن جائحة كورونا خلقت طلباً على العلوم الاجتماعية في فترة كان هناك تشكيك فيها، خصوصاً منذ إطلاق دعوات التقشّف في الحياة الأكاديمية إثر الأزمة الاقتصادية العالمية منذ 2008، ثم مع صعود تيارات شعبوية إلى مواقع القرار، والتي كانت تجد في البحث العلمي خطراً على توسّعاتها.

من جهة أُخرى، يشير الباحثون إلى أن كثرة المنتج المعرفي حول انعكاسات فيروس كورونا على المجتمعات قد يخلق حالة من الفوضى الفكرية تعيق أي استثمار للأبحاث حولها، وتجعلها بلا معنى وهو ما يدعو الباحثين إلى توحيد الكثير من منهجياتهم ومفاهيمهم.

المساهمون