خلال الفترة الماضية، قامت "قاعة بوشهري للفنون"، في العاصمة الكويتية، بجمع أعمالٍ لفنّانين عرب يملكها العديد من المقتنين الكويتيّين، لتقدّمها في معرض "لوحات عربية في بيوت كويتية"، الذي افتُتح في السادس من نيسان/ أبريل الجاري ويتواصل حتى نهاية أيار/ مايو المقبل.
يستعيد منظّمو المعرض، حسب ما ورد في بيانهم الصحافي، دور الكويت منذ ستينيات القرن الماضي في التنمية الثقافية العربية واحتضانها، ما كرّس ذائقةً فنية لدى أبنائها وحِسّاً قومياً أبرزه شعار "الكويت بلاد العرب" الذي كان يتصدّر كلّ المطبوعات الرسمية في الدولة، ويمهر الرسائل والطرود البريدية كافة، وانعكس في طبيعة اختياراتهم الفنية.
يضمّ المعرض لوحاتٍ لعدد من روّاد الفن في الوطن العربي، وجاءت الأعمال متنوّعة الاتجاهات لتشمل مدارس تشكيلية تمثّل أجيالاً فنية مختلفة، وفي مقدّمتهم الفنان السوري فاتح المدرّس (1922 – 1999)، بنماذج من لوحاته التي تناول فيها الأساطير والقصص الشعبية بلغة تصويرية سريالية، وكذلك حلقات الصوفية حيث تبدو رؤوس الراقصين وكأنها تطير في الهواء.
يضيء المعرض ذائقة المقتنين التي شكّلها انتماء قومي عربي
ومن سورية، تحضر أيضاً أعمال لؤي كيّالي (1934 – 1978)، وقد قدّم في معظمها وجوه البسطاء والمهمّشين، على اختلاف مِهَنهم وطبيعة أعمالهم، في بورتريهات تصوّر يوميات عملهم ولحظات انتظارهم أو تأمّلهم. وقد عبّرت أعمال كيّالي عن الواقعية الجديدة في سياقاتها العربية، حيث تغلب المضامين الاجتماعية والسياسية على اللوحة. كما تُعرض لوحاتٌ لمواطنه إدوار شهدا (1952) يعيد من خلالها إنتاج أساطير تنتمي إلى الميثولوجيا السورية القديمة والفن السرياني وكذلك السرديّات المستمّدة من تراث بلاده.
تشارك أيضاً في المعرض أعمال للفنان العراقي ضياء العزاوي (1939)، الذي تتّخذ لوحته مسارين أساسيْن؛ الأول في تلك العلاقة المتلازمة بين الصورة والنص التي يعبّر عنها بتقنيات متعدّدة، وكذلك في ترجمته لمحطّات سياسية بارزة في التاريخ العربي المعاصر خاصة في فلسطين والعراق ولبنان.
كما يشارك مواطنه فيصل لعيبي (1945) بأعماله التي تحاكي الواقع الاجتماعي العراقي خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، من خلال تعبيرية واقعية ترصد المِهَن والطقوس الشعبية والأشغال اليومية في الشارع والمقهى والسوق والبيت، وتستعيد بعضاً من خصائص الفنّ الإسلامي التقليدي، ولا سيّما تجاور العناصر في اللوحة مع تقليلٍِ من حدّة البُعد أو نقطة التلاشي فيها.
أمّا لوحات الفنان الفلسطيني اللبناني بول غيراغوسيان (1926 - 1993)، فتشترك مع أعمال السوري إدوار شهدا في جذورها المرتبطة بالأيقونات المسيحية، وفي بعدها الروحاني، إلى جانب اشتغاله على ثيمات اللجوء والمنفى وتوثيقه حركة الناس اليومية في الشوارع والعمّال والعائلة، ممثّلةً بشكل أساسي بصورة الأمّ.
ويضمّ المعرض أعمالاً للفنان التشكيلي المصري أدهم وانلي (1908 – 1959)، تصوّر، بشكل أساسي، مشاهد الراقصين والمغنّين والممثلين في السيرك والباليه والمسرح وفي كواليسها. بينما يقدّم مواطنه عمر النجدي (1931 – 2019) حروفيات الحروف تتداخل مع تكوين الجسد الإنساني ومناظرَ مستمدّة من الطبيعة الصامتة، بالإضافة إلى كتابات قرآنية تأخذ منحى تجريدياً في تشكيلاتها.
ويشارك الفنان الليبي القذافي الفاخري (1963) بلوحات تنزع نحو التجريد بعناصر مختلفة من حروف عربية ولاتينية ورموز تراثية يغلب عليها اللونان الأبيض والأسود، ويشترك معه في ذلك الفنان العراقي إياد القاضي (1971) الذي يمزج عناصر ومفردات من الثقافة الشعبية مع الفوتوغراف والكولاج وورق الجرائد، تقترب في بنائها من الملصَق، للتعبير عن قضايا المجتمع والسياسة.