"مرايا التحوّلات الرقمية".. صوَر متغيّرة عن العالم واللغة

01 يوليو 2022
ميلتوس مانتاس/ اليونان
+ الخط -

أسئلة كثيرة بات يفرضُها الواقع التقني من حولنا، سواء بأدواته وتطبيقاته التواصُلية السريعة، أو التحدّيات الناتجة عنه، وطرائق التفكير بحلول لها. ومن بين الحقول الإنسانية التي سرعانَ ما تأثّرت بذلك التغيّر هي اللغة، كونها الشرط الأساسي في التواصل.

"مرايا التحوّلات الرقمية والتمثّلات الذهنية للذكاء الاصطناعي" هو عنوان الكتاب الصادر مؤخّراً للباحث اللبناني غسّان مُراد عن "شركة المطبوعات للتوزيع والنشر". وفيه يعرض أستاذ اللسانيات الإشارات التي بات يعجّ بها عالمُنا اليوم، إنّما بالانطلاق في تحليله من زاوية اللغة، فصحيح أنّ العلوم التطبيقية هي القاعدة الأساسية لتطوير وسائل الاتصال من حولنا إلّا أنّ المدى الذي يتفاعل فيه المُستهلكون هو عبارة عن عملية تبادل لغوي ضخمة.

وحيثُ تتعلّق مفاهيم الرقمنة بالرياضيات عادةً، فإنّ الكِتابَ بالمقابل يُقاطع ما بين بُنية ومنطق اللغة وبين المنطق الرياضي، ويكشف في هذا السياق عن جُملة من المُشترَكات طوّرها الوعي الإنساني عبر التاريخ واستخدمها في تنمية التواصل حتّى في مراحله البدائية الأولى التي لم تكن تخلو من تعقيد. بمعنى أنّ ما نعيشه الآن هو حصيلة مُراكمة معرفية تخصّ البشرية عامّة.

مرايا التحوّلات الرقمية - القسم الثقافي

كما تظهر في الكِتاب العلاقة الخاصّة بين اللغة العربية بالذات والتحوّلات الرقمية الراهنة، فالأمر لا يتعلّق أبداً بجمود أو قدرة أكبر عند لغة دون أُخرى. على العكس تماماً، فالتفاعُل الكبير كشفَ عن مدى واسع تستطيع العربية أن تبني عليه من حيث المفردات والتحوّل الدلالي والاستخدامات الوظيفيّة.

إلّا أنّ الجانب الأهم الذي يُنبّه إليه العمل ليس الجدل النظري حول القدرة على التطوّر، إنّما يذهب إلى كيفية الاستفادة من خوارزميات الذكاء الاصطناعي في عمليات حوسبة اللغة العربية، وهذا ما يجب السعي إليه والنظر فيه بجدّية، بحسب المؤلّف.

ومن المسائل التي يُعالجُها الكِتاب ما صار رائجاً تسميته بـ"الفقاعات المعلوماتية" التي حوّلت الإنسان الحديث إلى مُتعرِّض يومي لكمّية من المعلومات قد لا تكون كلّها تعنيه ولكن بمجرّد وصولها إليه ستؤثّر فيه وتجعل منه جزءاً من تيّار كبير.

الجدير بالذكر أنّ الكتاب يُكمّل ما بدأه الباحث في عملين سابقين له: "دهاء شبكات التواصُل" (2014) و"الإنسانيات الرقمية" (2018).

المساهمون