"مرايا التراث": عودة إلى بيروت قبل عام

30 يوليو 2021
("منطقة الأشرفية بعد انفجار بور بيروت" لـ شوقي دلال)
+ الخط -

بعد أيام قليلة، تحلُّ الذكرى السنوية الأولى لـ انفجار مرفأ بيروت الذي وقع في الرابع مِن آب/ أغسطس 2020، مخلّفاً خسائر بشرية ومادية جسيمة... حادثٌ بارز في تاريخ لبنان المعاصر تفاعَلت معه الآداب والفنون، مِن الشعر والنثر إلى الموسيقى والتشكيل والسينما، داخل لبنان وخارجه.

في عددها الرابع عشر (ربيع وصيف 2021) الصادر قبل أيّام، تُخصّص "مريا التراث"، وهي مجلّة محكّمة نصف سنوية تصدر عن "مركز التراث اللبناني" في "الجامعة اللبنانية الأميركية" ببيروت، ملفّاً خاصّاً بالانفجار في ذكراه الأُولى، تحت عنوان "قلبُ المرفأ انفجر... لا قلبُ بيروت".

وكتب الشاعر ورئيس تحرير المجلّة هنري زغيب في افتتاحية العدد: "كان طبيعياً أنْ نُخصِّص ملف هذا العدد للذكرى السنوية الأولى (آب 2020 - آب 2021)، وأن نستذكر ما انجرح من تراث في وجه بيروت، وكيف يعود تراثها إلى وجهها كما كان".

ألحق الانفجار أضراراً بالفة بقرابة 600 مبنى تراثي في بيروت

تضمّنُ العددُ ثلاثة محاور؛ الأوّل مقالٌ مصوَّر أنجزه المهندس المعماري والمرمّم والأستاذ في الجامعة اللبنانية الأميركية، أنطوان لحود، بعنوان "أعدنا هيكل البيوت، متى نعيد روحها؟"، وفيه توقّف عند تردُّدات الانفجار وارتداداته وآثاره المدمّرة على التراث العمراني في أحياء بيروت: الجميزة، والمدور، ومار مخايل، وسرسق وغيرها، قائلاً إنّ الانفجار "أطاح تراث مدينة مخطّطة منذ أكثر من ألف عام، منذ أواخر العهد العثماني فالانتداب الفرنسي".

يستعرض لحود الخطوات التي اتخذتها الحكومة اللبنانية لإنقاذ التراث العمراني؛ بدايةً بدعوة مديرية الآثار، بالتنسيق مع "اليونسكو"، المهندسين والمختصّين في الترميم إلى تشكيل خلية طوارئ باسم "إنقاذ تراث بيروت المبني"، والتي كان ضمن أعضائها. أجرت الخليةُ مسحاً شاملاً لكلّ المباني التراثية المتضرّرة وصنّفتها ضمن ثلاث فئات: ضرر كامل، وضرر كبير بحاجة إلى تدعيم سريع، وضرر جزئي بحاجة إلى ترميم، وتلت ذلك مرحلة تدعيم المنازل المهدمة وتسقيفها بمواد خفيفة لحمايتها من العوامل الطبيعية.

ويختتم لحّود بالقول: "صحيحٌ أنّنا رمّمنا بعض بيوت بيروت الجريحة، لكنّنا ننتظر أن نرمّم روح تلك البيوت، كما كانت قبل الانفجار، لإعادة الحياة إليها بعد الترميم".

وأُرفق المقال بمجموعة من الصور الفوتوغرافية التي توثّق للانفجار وما تلاه، بينما يقارنُ بعضُها الآخر بوضع المباني قبل الانفجار وما بعده، ومن بينها صورة لـ"قصر إيفون سرسق" تُبيّن مدى الدمار الذي لحق به.

مرايا التراث - القسم الثقافي

وتحت عنوان "وسنُعيدها لؤلؤةً كما كانت"، كتبت المهندسة المعمارية المختصّة في ترميم المباني التراثية والأوابد الأثرية، أسامة الكلّاب، أنَّ تقرير لجنة إنقاذ التراث كشف أنَّ "600 مبنى تراثي تضرّرت من الانفجار، بينها 45 بحاجة إلى تدعيم عاجل، و100 بحاجة إلى حماية قبل هطول الأمطار، وفاق التقدير الأولي للخسائر 300 مليون دولار أميركي".

وتشير الكلّاب إلى أنَّ عمليات الترميم تعطّلت بسبب الوضع الاقتصادي المتردّي، وتوقُّف القطاعات الحيوية عن العمل، وشحّ التمويل الخارجي والداخلي، إضافة إلى جائحة كورونا.

ويعتبر المقال، الذي أُرفق بصورٍ وخرائط وصور ثلاثية الأبعاد للمباني والأحياء الواقعة داخل دائرة الانفجار، أنَّ "دمار هذه المباني والأحياء خسارة لا تُعوَّض لتراثنا المادي وغير المادي، وتهديد لتركيبة اجتماعية متنوّعة ومتطوّرة وآمنة. من هنا الأولوية هي مقاربة تصور لمستقبل بيروت بالحفاظ عليها وعلى اصالتها الهندسية ونسيجها الاجتماعي".

تعطّلت عمليات الترميم بسبب الوضع الاقتصادي المتردّي وجائحة كورونا

وتحت عنوان "بريشاتهم، كي لا ننسى"، نشرَ العددُ الجديد، ضمن الملفّ نفسه، مجموعةً مِن الأعمال التشكيلية والنحتية التي أنجزها فنّانون مِن لبنان وخارجه حول الانفجار؛ من بينهم: أنطوان مطر، وشوقي دلال، وجوزيف أبي ضاهر، ولميا لبّان جمول، نبيل مسعد، وتوم يونغ، وجوزيف خوري، وجمال قضماني.

من الأبواب الأُخرى التي تضمّنها العددُ الجديد: "تراثنا التاريخي"، الذي ضمّ أربعة مواضيع؛ هي: "بيروت قبل 361 سنة في كتاب 'سنتان في سوريا'" لـ نبيل شحادة، و"عرفتُ عنها كثيرَ ما لم يُتَح لغيري" لـ نقولا زيادة، و"لبنان: كلمة التاريخ" لـ آرنولد تونبي، و"شمع: واحة نابضة بالتاريخ في قلب جبل عامر" لـ كاميرا كامل جابر.

وكتب مسعود ظاهر، في باب "تراثنا الصحافي"، مقالاً بعنوان "44 عدداً من جريدة "جبل عامر" 1911 - 1912 رسمَت البُعد الاجتماعي والثقافي في واحتنا اللبنانية العريقة". وفي باب "تاريخنا الحضري"، كتب مازن عبّود عن "دوما لؤلؤة الجبل حارسة الذاكرة".

وتضمَّن القسم الإنكليزي مقالين، الأوّل حوار أجرته مايا خليل الجرّ مع ميخائيل نعيمة عام 1978، والثاني فصل من كتاب مروان إسكندر حول تاريخ الجامعة اللبنانية الأميركية.

المساهمون