تشير بعض الأدلّة الأركيولوجية إلى أن فكرة حفظ جثث الموتى لدى الحضارة المصرية بدأت في الألف الخامس قبل الميلاد، لكن الطُّرُق كانت بدائية تعتمد لفّ الجسد بأقمشة وضعت عليه موادّ قابلة لحفظها فترات طويلة، حتى تطوّرت التقنيات المستخدمة في منتصف الألف الثاني قبل الميلاد كما تظهرها المومياوات التي تعود إلى تلك الفترة.
"مومياوات مصر.. إعادة اكتشاف ستّ حيوات" عنوان المعرض الذي افتُتح في "منتدى مدريد" بالعاصمة الإسبانية في الرابع عشر من الشهر الجاري، ويتواصل حتى السادس والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.
يستند المعرض الذي تنقّل في عدد من العواصم منها لندن وطوكيو وسيدني، إلى دراسة حول ستّ مومياوات تعود إلى شخصيات عاشت بين عاميْ 900 و150 قبل الميلاد، في محاولة لبناء سيرة متكاملة حول كلّ واحد منها، تتعلّق بأعمارها وأهم الأحداث في حياتها، ومعتقداتها، والأمراض التي أصيبت بها، وغيرها من المعلومات الشخصية.
ووفق الدراسة ذاتها، فإن المصريين القدامى الذي آمنوا بضرورة أن ينجو الجسد من الموت حتى يصل إلى الآخرة، فإن الجسد المحنّط احتفظ بالعديد من خصائصه التي تظهر قوته الحيوية والنفسية، حيث بات من الممكن تحديد طبيعة النظام الغذائي الذي كان متبعاً حينها، والزينة الشخصية التي كانت متداولة، وملامح من طفولة تلك الأجساد.
أحد هذه الأجساد كُتب على تابوته الذي عُثر عليه في مدينة طيبة الأثرية بالقرب من الأقصر، اسمُ امرأة متزوّجة تنتمي إلى عائلة ثرية، كما ييبّن تابوت آخر جسد ابنة خونسومس، كاهن الإله آمون، كبير الآلهة الذي بدأ يظهر على النقوش منذ حُكم الأسرة الحادية عشرة في نهاية الألف الثالث قبل الميلاد.
لم يُحفظ اسم مومياء أخرى لكن بياناتها تشير إلى أنها كانت تعمل مغنّية في معبد آمون، وأنها تزوّجت رغم عملها ضمن الكاهنات، ويرجّح أنها بلغت ما بين خمسة وثلاثين وتسعة وأربعين عاماً عند رحيلها، وكانت تعاني من من مشاكل في أسنانها.
ورغم عدم وجود إلا القليل من المومياوات التي تعود لأطفال حديثي السن، إلا أن واحدة منها لطفل توفي قبل أن يبلغ العامين، ويظهر أن عموده الفقري قد تضرّر أثناء التحنيط غالباً، لكن جسده كان ملفوفاً بعناية فائقة بطبقات من الأقمشة.