"نفرتيتي": يوميات ملكة مصر قبل ثلاثة آلاف عام

30 يونيو 2022
من المعرض
+ الخط -

في عام 1904، اكتشف عالم الآثار الإيطالي إرنستو سكياباريللي مقبرة في وادي الملكات بالقرب من العاصمة القديمة لطيبة، مخصّصة للملكة المصرية نفرتيتي التي تنتمي إلى الأسرة الثامنة عشرة، حيث حكمت في نهايات الألف الثاني قبل الميلاد. قبل ذلك الاكتشاف، لم يكن أحدٌ يعرف سوى القليل عن هذا الاسم الذي سيرتبط بواحدة من أجمل الملكات وأكثرهن حضوراً في التاريخ المصري، وتصوّرها التماثيل والنقوش جالسةً إلى جوار زوجها الملك أمنحوتب الرابع، الذي عُرف لاحقاً باسم أخناتون بسبب توحيده الآلهة في إله واحد.

يضيء معرض "نفرتيتي ملكة مصر" الذي افتتح في "متحف نيو أورلينز للفنون" بولاية لويزيانا الأميركية، حياة الملكة الفرعونية عبر عرض حوالى مئتين وثلاثين قطعة تتضمّن التماثيل والمجوهرات والمزهريات وأوراق البردي والتوابيت الخشبية منها والحجرية، وغيرها من الأدوات والأشياء المختلفة التي كانت تُستخدم في الحياة اليومية خلال عصرها.

المعرض الذي افتتح في الثامن من آذار/ مارس الماضي ويتواصل حتى السابع عشر من الشهر المُقبل، يعود إلى اللحظة التي فتح سكياباريللي أحد القبور، واكتشف فيها مشاهد مرسومة ببراعة تصوّر الرحلة المحفوفة بالمخاطر والصعبة التي قامت بها لإرضاء الآلهة من أجل أن تمنحها الخلود، ليتبيّن أن القبر نفسه قد صُمّم بطريقة غير عادية.

يعكس المعرض المساواة بين النساء والرجال في الحضارة الفرعونية

بعد فترة وجيزة من إغلاق القبر، تعرّضت جميع محتوياته للنهب، ليُستعاد جزء منها لاحقاً، حيث عُثر على العديد من قطع الأثاث التي استخدمتها نفرتيتي في حياتها والزيوت والمؤن التي دُفنت معها، ضمن معبدٍ شُيّد خصيصاً لها، ونُقش على جدران مدفنها آلهة وإلهات مُجنّحة، وحيوانات وحشرات وكتابات هيروغليفية، توضّح العملية المعقّدة للمرور عبر العالم السفلي إلى الحياة الأبدية.

يتضمّن المعرض أشياء شخصية مثل المجوهرات والعطور ومستحضرات التجميل، بالإضافة إلى أجزاء من غطاء تابوت الملكة المصرية الضخم والمصنوع من الغرانيت الوردي، وتماثيل خشبية صغيرة، وتميمة من الذهب والخزف على شكل عمود (رمز الاستقرار)، إلى جانب منحوتات حجرية يبلغ ارتفاعها ثماني أقدام تصل إلى سقف المدفن، وزوجين من الصنادل بمقاس كبير نسبياً، وأدوات زينتها ومساحيق التجميل.

(لوحة لـ ناخي "خادم في مكان الحق"، زمن الأسرة الـ 18، من المعرض)
(لوحة لـ ناخي "خادم في مكان الحق"، زمن الأسرة الـ 18، من المعرض)

تشير أدوات الزينة واستعمالها إلى مفاهيم الجمال ومقاييسه في الحضارة المصرية القديمة، حيث الكُحل حول العينين لم يكن فقط للزينة، بل ليحمي من حرارة الشمس الساطعة، كذلك فإنّ بعض الأكسسوارات ليست للتزيين وحسب، بل هي تعويذات تحفظ الملكة من الشرور.

وتوضّح المعروضات دور نفرتيتي ــ التي نالت تعليماً جيداً بحسب المصادر التاريخية ــ في الحياة العامة، سواء في حضورها مجالسَ الحكم مع زوجها الملك أخناتون، أو في مشاركتها في الاحتفالات الدينية. ومع وجود نقوش فرعونية أُخرى تصوّر المرأة العادية مشارِكةً في أعمال الزراعة والبناء وغيرها، فإن ذلك يعكس شكلاً من أشكال المساواة بين النساء والرجال، بحسب المُنظّمين.

يتجوّل الزائر في معرض يحتوي على قطع أثرية تمثّل واحداً من أكثر العصور ازدهاراً في مصر القديمة، التي لا تزال معظم كنوزها في المتاحف الغربية، حيث نُهبت على مدار مئات السنين، ومنها محتويات هذا المعرض الذي استعيرت أغلبها من "المتحف المصري" بمدينة تورينو الإيطالية.

المساهمون