مع ازدهار السجلّات التي توثّق اليوميات خلال العصر المملوكي، برز اسم المؤرّخ المصري أبو المحاسن ابن تَغري بِردي (1410 – 1470)، الذي ترك مؤلّفات عديدة تركّزت حول تاريخ مصر بعد الفتح الإسلامي، بالإضافة إلى اهتمامه بتوثيق النشاط العمراني والاقتصادي والاجتماعي وتراجم عصره.
وتميّزت كتاباته لأسباب عديدة، منها أصوله المملوكية التي أتاحت له الاقتراب من دائرة صنع القرار، وكذلك تقلُّده بعض المناصب الإدارية، ما مكّنه من الاطلاع على الوثائق والبيانات الرسمية، بالإضافة إلى معرفته باللغة التركية التي منحته اطلاعاً أوسع على نخبة الحُكم آنذاك.
في كتابه "معجم مقيّدات ابن تَغري بِردي.. في المنهل والنجوم الحوادث"، الذي صدر عن "سلسلة تراثنا الرقمي" في "معهد المخطوطات العربية بالقاهرة، يقدّم الباحث المصري أحمد إبراهيم اللقاني نواةً لمعجم يضمّ أعلام العصر المملوكي من العرب والفرس والأتراك.
يعتمد المؤلّف على الكتابات التاريخية التي وضعها ابن تغري بردي بالضبط والتقييد، وأهمّها "المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي"، و"النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة"، و"حوادث الدهور في مدى الأيام والشهور"، حيث أحصى أكثر من مئتي علَمٍ ورد فيها.
تشير المقدّمة إلى الاختلاف في ضبط أسماء فترة مهمّة امتدّت حوالي مئتين وسبعين عاماً من تاريخ مصر، حيث تظهر الفروقات بين المصادر التاريخية مع وجود العديد من التحريفات في رسم ونطق العديد منها، ويُعزى ذلك إلى عدم معرفة الفقهاء والعلماء بلفظها الصحيح بالتركية، أو إلى تحريفٍ تناقلتْه العامّة ولاقى انتشاراً.
لا تقتصر الأعلام على أسماء شخصيات سياسية وعسكرية ودينية وأدبية ووجهاء، بل تتضمّن أسماء البلدات التي قدم منها المماليك أو الأيوبيون، في مناطق المشرق العربي وآسيا الوسطى، ووظائفَ إدارية وعسكرية أخذت تسميات أعجمية في تلك المرحلة مثل "الدزدار"، وتعني ماسك القلعة، وكذلك أسماء القبائل والعائلات المملوكية، وكذلك الأيوبية مثل الهذانية والروادية.
وضع اللقاني اسم كل علم مع شرح مختصر لسيرته أو معناه، وفق الترتيب الهجائي، مع إغفال "الـ" التعريف وكذلك كلمتي ابن وأبو، إلى جانب عودته إلى المعاجم التركية والفارسية لضبط بعض الأعلام التي التبست عليه.