- أسامة المسلم، بأكثر من ثلاثين رواية في الفنتازيا التاريخية، يحظى بإقبال كبير يذكر بظاهرة كتّاب مصريين مثل أحمد خالد توفيق وأحمد مراد، رغم النقد لمستوى رواياتهم.
- الدهشة بين الكتّاب والمثقفين المغاربة والعرب حول جماهيرية المسلم دون نشر أعماله في المغرب، مما يبرز تأثير السوشل ميديا والمؤثرين، وتنظيم وزارة الثقافة المغربية جولة للكاتب بالبلاد.
أوقف الأمن المغربي، أمس السبت، حفل توقيع الروائي السعودي أسامة المسلم (1977) في "المعرض الدولي للكتاب والنشر" بالرباط، بسبب تزاحم الآلاف من الشباب والشابات لحضوره، لتعلن بعدها وزارة الثقافة المغربية تنظيم جولة للكاتب في عدد من مدن البلاد.
وحظيت الحادثة باهتمام كبير في وسائل الإعلام المحلية والعربية، وكذلك في وسائط التواصل الاجتماعي، لما شهده الحفل من فوضى عارمة وحالات إغماء، ما اضطرّ رجال الشرطة إلى الاتفاق مع إدارة المعرض على إلغاء الحفل الذي جرى تقديمه عن موعده ساعتين، بعد أن استشعروا أن هناك خطراً على حياة الناس.
واعتبر العديد من المتابعين بأن تدافع الجمهور، وغالبيته من الشباب، يطرح تساؤلات كبيرة حول الكاتب السعودي أسامة المسلم الذي أصدر أكثر من ثلاثين رواية حتى الآن، تهيمن عليها الفنتازيا التاريخية وشخصيات خيالية عاش بعضها في فترة ما قبل الإسلام، حيث وزّع أكثر من مئة وخمسين ألف نسخة من روايته الأولى "خوف" التي أصدرها عام 2015، بحسب صفحة الكاتب على "ويكبيديا".
حظيت الحادثة باهتمام إعلامي كبير، لما شهده الحفل من فوضى عارمة وحالات إغماء
وقد عمَد الأمن المغربي إلى إخراج الكاتب السعودي من المكان "من أجل سلامته الشخصية"، إذ بثّ رسالة صوتية على حسابه في "تك توك"، يقول فيها "الوضع غير مناسب". وكان آلاف، وغالبيتهم من المراهقين والشباب والشابات طلبة الجامعات والثانويات، في طوفان بشري بتعبير بعضهم، قد اصطفوا ساعات طويلة، في وقت مبكّر، من أجل الحصول على توقيع الكاتب على نسخ من مؤلفاته كانوا يتهيؤون لشرائها.
وتعيد ظاهرة أسامة المسلم التذكير بكتّاب مصريين من أمثال أحمد خالد توفيق وأحمد مراد اللذين وصلت مبيعات رواياتهما التي تغلب عليها أجواء الديستوبيا مئات آلاف النسخ، ولا يزال يعتبرها كثير من النقاد بأنها أعمال ركيكة في مضمونها ومستواها الفني، وأنها اعتمدت الإثارة في بناء شخصياتها وأحداثها في ترويجها.
لكن يبدو أنّ أسامة المسلم الذي أصدر ثلاثة أجزاء من روايته الأولى، لم يلفت انتباه النقاد والصحافة الثقافية بعد حتى أمس السبت في حدث نادر، وغير مسبوق، ولم يتوقّعه القائمون على "المعرض الدولي للنشر والكتاب" الذي أصبح ينتظم في الرباط منذ ثلاث سنوات، بعد أن ظلّ يقام في الدار البيضاء، وتنظمه وزارة الشباب والثقافة والتواصل.
الكاتب السعودي أصدر روايات بعضها متسلسل في أجزاء، وواحدة من هذه الروايات كتبها بالاشتراك مع صديق له (الكويتي عبد الوهاب الرفاعي)، وقد وصفت مواقع إلكترونية سلسلة "بساتين عربستان" للكاتب بأنها "أكبر ملحمة عربية فاقت قمم الخيال العربي"، وهي تضمّ روايات: "بساتين عربستان"، و"عصبة الشياطين"، و"رياح هجر"، و"العرجاء"، و"الساحرة الهجينة"، و"عرين الأسد".
تعيد ظاهرة المسلم التذكير بكتّاب مصريين باعوا مئات آلاف النسخ من روايات وصفها النقاد بالضعف
واستغرب كتّاب مغاربة وعرب مشاركون في المعرض الإقبال الكبير على حفل توقيع الكاتب الشاب، وأجمع كثيرون منهم على جهلهم باسمه، وقالوا إنها المرّة الأولى التي يعرفون شيئاً عنه، وإنّ له كل هذا الجمهور من الشباب، وعبّر بعضهم عن حيرته في تفسير ما سمّوها "ظاهرة أسامة المسلم".
وضاعف من الدهشة الواسعة التي سادت أوساط المثقفين والكتاب والإعلاميين المغاربة أن المسلم أحرز جماهيرية واسعة، من دون أن ينشر في المغرب أيّاً من كتبه الكثيرة (أصدرها جميعها في أقل من عشر سنوات)، ورأى آخرون أن لمجتمع "السوشل ميديا" و"المؤثرين" قوانينهما الخاصة التي لا تنسحب على المجتمع الثقافي ونخبة الكتّاب والمشتغلين في الأدب والرواية والنقد.
وأعلن خرّيج الأدب الإنكليزي، أسامة المسلم أنه سيتجوّل في مدن مغربية، بالتنسيق مع عدة مكتبات، لتنظيم حفلات توقيع لكتبه لاحقاً. وقد التقاه وزير الشباب والثقافة والتواصل المغربي، محمد مهدي بنسعيد، مساء أمس، ساعات بعد إلغاء حفل التوقيع. وبحسب المسلّم، عرض عليه الوزير "أن يقوم بجولة في مختلف مناطق المملكة بتنسيق مع الوزارة لإرضاء القرّاء".