إبراهيم الطنبولي.. لوحات تتكشّف بالابتعاد وتضيع بالاقتراب

24 أكتوبر 2024
من المعرض
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يتميز الفنان المصري إبراهيم الطنبولي باستخدامه للألوان الزاهية والمتشابكة في لوحاته، مما يعكس صخب البحر وكائناته العجائبية، حيث تسيطر العوالم البحرية على أعماله، ويظهر الأزرق بتدرجاته بشكل بارز.
- لوحات الطنبولي تتجنب العزلة والبورتريهات الفردية، وتقدم مشاهد اجتماعية تجمع بين الأشخاص والمخلوقات العجائبية، مع استخدام ألوان رئيسية مثل الأصفر والأحمر والأسود.
- أقام الطنبولي معارض فردية منذ السبعينيات، وشارك في معارض جماعية محلياً ودولياً، مع استمرار عرض أعماله في "ياسين آرت غاليري" بالقاهرة حتى نهاية أكتوبر.

إن كان لنا أن نُحدّد ثيمةً بصرية تُميّز لوحات التشكيلي المصري إبراهيم الطنبولي (1954)، فهي ازدحام الألوان التي تبدو كما لو أنّها تشتبك بعضها مع بعض في غابة واحدة، فالاقتراب منها يُضيِّع المشهد، وبالتالي لا بدّ من أخذ مسافة عن اللوحة ومنحها فرصة التشكّل في هذا المدى المفتوح. وهذا ما تتمثّله لوحات معرضه الاستعادي الذي يتواصل في "ياسين آرت غاليري" بالقاهرة حتى نهاية تشرين الأوّل/ أكتوبر الجاري.

جاء معرض الفنان الإسكندري غفلاً عن أيّة تسمية، ربّما ليتوازى أيضاً مع حالة التشابُك اللوني التي أُقيم عليها. إنّها التلقائية وقد بلغت أعلى مراحلها التعبيرية. التدقيق الزائد عن كثب يُصعّب مهمّة العثور على الوجوه والأشخاص في هذه اللوحات، لذا يُفضَّل النظر إليها عن بُعد، لا حلّ سوى أن نترك المشهد وشأنه يتحرّك وفقاً لطبيعته الخاصّة. هنا يتكشّف عن عائلة تسبح بصُحبة مُهرِّج مع مجموعة أسماك وطيور في حوض أزرق واحد، قد يكون بحراً أو فضاءً مفتوحاً غير معيّن، وهناك أسماك تهجر البحر وتتمشّى بأرجلها على شاطئ أصفر، كخيار سريالي يكسر إيقاع التجريد، ويجترح من غابة الخطوط طرافةً ما.

يبدو الازدحام اللوني ترجمةً لصخب البحر وكائناته العجائبية

تُسيطر العوالم البحرية على لوحات الطنبولي، ومن هنا يأخذ الأزرق بتدرّجاته سيادة واسعة دون غيره من الألوان، ويصبح الازدحام اللوني ترجمة لصخب البحر وكائناته العجائبية التي تنسلّ زحفاً تارةً وبالقوارب تارةً أُخرى صوب اليابسة، تُشارك النساء أحاديثهنّ وتستلف منهنّ القدود والهيئات الجسدية. أمّا الخطوط وكثافتها في اللوحة فيمكن إرجاعها إلى شباك الصيد. هل الوظيفية ذاتها التي تقود الصيّاد لرمي شباكه هي ما يدفع أيضاً الرسّام لبثّ خطوطه، فيقع الأوّل على ضالّته في الحياة، والثاني على ضالّته في الفنّ؟

من المعرض
من المعرض

اللافت أنّ لوحة الطنبولي تبقى، رغم احتشادها بالخطوط والألوان، مضبوطةً على مستوى الأشخاص. صحيحٌ أنّها لا تُقارب عوالم العُزلة ولا البورتريهات الفردية وتنفتح على بُعد واضح من الشعور بالفرح والصخب، لكنّها في الوقت عينه لا تُقدّم "لوحة حشود"، بل هي لوحة "اجتماع عدّة أشخاص"؛ سواء في إطار الشارع أو العائلة ليس أكثر من ذلك، مع احتمال أن نُضيف بعض الأفراد أو الأشجار أو الحيوانات (حصان أو ثور كتنويع على الأسماك والبحريات) إلى جانب المخلوقات العجائبية التي تتماهى مع المشهد بحيوية. أمّا لونياً فيحضر في كلّ ما سبق، بالإضافة إلى الأزرق، الأصفر والأحمر والأسود والأحمر بشكل رئيسي.

أقام إبراهيم الطنبولي أوّل معارضه الفردية في مطلع السبعينيات، وشارك في عشرات المعارض الجماعية في مصر وخارجها. ومن آخر معارضه الفردية: معرض استعادي بقاعة "إيزيس" في "متحف محمود مختار" (2011)، و"مصر النهاردة" (2013)، و"المحروسة" (2014)، و"روعة الحياة" (2017)، و"من الإسكندرية مع حبّي" (2020)، و"مسارات الروح" (2021)، و"كلمات متقاطعة" (2022)، و"الإسكندراني" (2024).

المساهمون