في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين التاريخ وعلم الاجتماع والفلسفة والفكر المعاصر والرواية والشعر.
■ ■ ■
عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، صدر حديثاً كتاب "المناخ والحضارة: بلاد الرافدين نموذجاً" للباحث خميس دحام مصلح السبهاني. يعزو المؤلّف اختياره موضوع الكتاب إلى سببين؛ أولهما أن هذه المنطقة انتقاليةٌ، تتلاقى فيها أنماط مناخية مختلفة، مصحوبة بتنوّع طوبوغرافي يجعل أي اختلال في التوازن يقود إلى تغيّرات مناخية حرجة. وثانيهما أن بلاد الرافدين مهد الحضارات، وعمادها الاقتصادي الزراعة، وأيّ تغير في المناخ له تأثيرات مباشرة في الإنتاج الزراعي وما يتبعه من تأثيرات اقتصادية واجتماعية وسياسية.
"علم اجتماع العولمة وما بعدها" عنوان كتاب للباحث العراقي معن خليل العمر (1939) صدر عن "دار الشروق"، وفيه يتناول ظاهرة العولمة بأوجهها الاقتصادية والسياسية والثقافية، مبيّناً كيف أثّرت على المجتمع البشري عبر تسيّدها الاقتصاد العالمي، كما يستشرف ما بعدها. يضمّ الكتاب تسعة فصول: العولمة بين زمنين، وثنائيات العولمة، والعولمة والبناء الاجتماعي، ومجتمع عصر العولمة، وثالوث العولمة المتكافل، ومُعَزِّزو العولمة والمستفيدون منها، وتحدّيات العولمة، ومجتمع ما بعد العولمة، ونظرية التغذية الراجعة لما بعد العولمة.
"الثورة والديكتاتورية: الأصول العنيفة للاستبداد المديد" عنوان الكتاب الذي صدر حديثاً للباحثين ستيفن ليفيتسكي ولوكان واي عن "منشورات جامعة برينستون". يناقش الكتاب تاريخ مجموعة من الديكتاتوريات التي وُلدت إثر ثورات اجتماعية في بلدان مثل الصين وكوبا وفيتنام، والتي أدّت الصراعات الطويلة في بدايات تشكّل نظامها السياسي إلى نشوء نخبة حاكمة متماسكة وجهاز بيروقراطي قوي يدين بالولاء المطلق، مقابل تحطيم جميع البنى الاجتماعية المنافسة من مراكز دينية وإقطاعية وخلق صراع دائم مع فكر "الثورة" بهدف حماية النظام.
"هاوية بيضاء في عين طائر" عنوان مجموعة الشاعرة اللبنانية مريم جنجلو الصادرة قبل أيام عن دار "لازورد". قصائد فردية جارحة تشفّ عن تعاطف إنساني نلمحه خلف الصور القاسية المؤثرة. من قصيدة بعنوان "انعتاق" نقرأ: "مثلَ هواء خفيف أمضي ولا أنظرُ خلفي/ من فوقِ عمود إنارة مُطفأ أُحصي مع بائع العلكة غلّتَهُ، وَأساعد ماسحَ الأحذية في تلميع صُوَرِ المارّة". كتابة اعترافية كأنما تحاول القفز عن حدود الحياة: "إنني مندفعةٌ دومًا مثلَ لَكمة، مستعجلةٌ لِأَموتَ قبلَ الجميع، فالشمسُ تنتظرُني بفستانٍ أسود/ باعَت ضفائرَها في الحربِ/ لِتشتريَهُ وَتُحرِّرَني".
عن دار "ويلوز هاوس" في جنوب السودان، صدرت رواية الكاتب السوداني عبد العزيز بركة ساكن "الغراب الذي أحبّني". يأتي العمل ضمن سلسلة من الروايات القصيرة التي يكتبها بركة ساكن (1963) حول عذابات الهجرة والمنفى وكان قد بدأها برواية "الرجل الخراب" (2015). تمتاز كتابات بركة ساكن بأسلوبها الواقعي، إذ قليلاً ما يلجأ فيها إلى الفنتازيا، إلى جانب استخدامه العامية السودانية بكثرة في الحوارات بين الشخصيات. من إصدارات المؤلّف السابقة: "مانفستو الديك النوبي"، و"الجنقو: مسامير الأرض"، و"مخيّلة الخندريس"، وغيرها.
"هل علينا أن نصدّق الخُبراء؟" عنوانُ كتاب للباحث جيرار أميكال، صدر حديثاً عن منشورات "أبوجيه" في باريس. ينطلق الكتاب من سطوع نجم "الخبراء" خلال السنوات الماضية، إن كان في القنوات الإخبارية أو عبر تقديم المشورة للحكومات، أو حتى في البحث العلمي. يدافع المؤلّف عن فكرة مفادها أن الخبرة في حقلٍ ما تتناسب طرداً مع الجهل بحقول أُخرى، وهو ما يمنع تقسيم المجتمع إلى طبقة من العارفين وأُخرى من الجاهلين. ويطرح المؤلّف، انطلاقاً من هذه الإشكالية، سؤالاً فلسفياً: إلى أيّ حد يمكن لي أن أعتمد على معرفة الآخر؟
عن دار "صفحة سبعة"، تصدر قريباً النسخة العربية من كتاب "استهلاك الحياة" لعالم الاجتماع البولندي ــ البريطاني زيغمونت باومان، بترجمة حسن احجيج. يحلّل باومان (1925 ــ 2017) في هذا العمل الانتقال من مجتمع الإنتاج، الذي حكم مرحلة الحداثة في أوروبا، إلى مجتمع الاستهلاك، الذي يلعب فيه الفرد دوراً مزدوجاً، حيث إنه، في الوقت نفسه، السِلعة والشخص الذي يبيعها. بعبارة أُخرى، لا يكرّر باومان المقولات حول سيادة الاستهلاك في عصرنا هذا، بل يبحث في فكرة تحوّل الإنسان نفسه إلى بضاعة تحدّد سوق العمل قيمتها.
صدرت للكاتبة المصرية ريم بسيوني، عن "دار نهضة مصر"، رواية بعنوان "الحلواني"؛ وهو العمل الثالث ضمن "ثلاثية المماليك" التاريخية بعد "أولاد الناس" (2018) التي خصّصتها للعصر المملوكي و"القطائع" (2021) التي خصّصتها للعصر الطولوني. من خلال ثلاث شخصيات؛ هي: جوهر الصقلّي وبدر الدين الجمالي وصلاح الدين الأيوبي، تعود بسيوني، في روايتها الجديدة، إلى العصر الفاطمي، متناولةً أحداثاً تاريخية غير مشهورة؛ مثل وصول الصليبيّين إلى حدود القاهرة، وحريق الفسطاط الذي أشعله الوزير شاور بن مجير السعدي زمَن الحروب الصليبية.
عن "مركز دراسات الوحدة العربية"، صدر كتاب "من سلطة الهوية إلى نصّ التمثّل: قراءة نقدية لممارسات فكرية في السودان" لعثمان حسن عثمان حميدة. يضيء العمل طبيعة الخطاب الفكري والثقافي المعاصر في السودان، وحدود معالجاته مشكلات المجتمع السوداني من المنظور السياسي والأيديولوجي منذ الاستقلال إلى ثورة 2018. ويخلص إلى أنّ الموقف الأيديولوجي ظلّ يطبع الأفكار حول قضايا الثقافة؛ ومن بينها قضية الهوية، وكانت فاعليته كبيرة في طرائق تمثُّل النصوص الثقافية لدرجة أصبح فيها العقل خاضعاً لسلطة الهوية في مقارباته.
بترجمة أحمد م. أحمد، صدرت حديثاً، لدى "دار المدى"، النسخة العربية من رواية "قُرب محطّة غراند سنترال جلستُ وبكيت"، للكاتبة الكندية إليزابيث سمارت. صدرت الرواية بالإنكليزية عام 1945، وهي تستلهم من سيرة سمارت (1913 ــ 1986) وعلاقتها بالشاعر البريطاني جورج باركر (1913 ــ 1991)، حيث تحكي قصّة فتاة كندية تحبّ شاعراً متزوّجاً وتُنجب منه. ورغم رفض الأخير الانفصال عن زوجته للعيش معها، إلّا أنها تصرّ على ملاحقته حتى حين انتقاله للعيش في الولايات المتّحدة. يُصَنَّف العمل ضمن ما يُعرَف بالنثر الشعري.
في كتابه "عَريب.. زعيمة الغناء العباسي"، الصادر حديثاً عن "دار سهيل عيساوي"، يعود الباحث محمد صفّوري إلى تاريخ الجواري في المجتمع العربي وأثرهنّ في الحياة الثقافية والاجتماعية مع بروز أسماء عديدة في مجالات الأدب والموسيقى، ومنهنّ عريب المأمونية التي عاشت خلال القرن التاسع الميلادي، والتي فاقت قريناتها في حفظ الشعر ونظمه، حيث تناولت العديد من الأحداث المهمة في عصرها وطبيعة علاقاتها مع ساسته وأدبائه، كما كانت لاعبة محترفة في الشطرنج قارعت ولاة وخلفاء، ولحّنت العديد من المقطوعات الموسيقية على آلة العود.
بتوقيع المترجمة السورية رندة بعث، تصدر قريباً عن دارَي "سرد" و"ممدوح عدوان" رواية "أزهار الظلمات" للكاتبة الغوادالوبيّة ماريز كونديه (1937). من غلاف العمل نقرأ "حكاية قاسم الشابّ التائه، الذي يجد مهرباً من ظروفه حين يقترح عليه أحد الأطباء السفر معه إلى بلد الزعيم 'بيغ بوس' لإجراء عملية تحنيط لابنة الزعيم. ويترافق وصولهما مع وباء غامض، فيستغل الطبيب الفرصة في اقتراح مشروع 'تزيين المتوفّيات'. غير أن قاسم المنساق وراء الطبيب كالمسحور، لا يستطيع التأكّد من صحّة ما يقال. فهل فعلاً للطبيب علاقة بالوباء؟"