في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دُور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية، ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المُترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات الفلسفية والأبحاث السياسية والترجمات الأدبية، والمجموعات القصصية.
■ ■ ■
بتحرير الباحثتَين: هدى فخر الدين وسوزان ستيتكيفيتش، يصدر قريباً "دليل روتلدج للشعر العربي". يُضيء الكتاب جملة من الروابط السياسية والثقافية التي شغلت الشعر وصناعته في التقاليد العربية، كما يبحث في التحوّلات الكبرى التي مرّت بـ"ديوان العرب" عبر تاريخٍ مديد. إلى جانب ما سبق، تحضر مسألةُ الانقسام بين الشعر الحديث وما قبله، من دون أن يُبنَى هذا على خطاب يُكرّس "الثنائيات"، بل بالسعي إلى زعزعتها نقدياً. من المُشاركين في العمل: حاتم الزهراني، وأحمد الملّاح، وسونيلا موباي، وكارل دافيلا، وياسين نوراني، وكلاريسا بيرت.
"صحوة المحكومين في مصر من رعايا إلى مواطنين 1798 - 2011" عنوان الكتاب الصادرة ترجمتُه عن دار "الشروق"، لمحمود حسين (اسم مستعار للكاتبَين بهجت النادي وعادل رفعت)، وأنجزها محمد مدكور. يتتبع الكتاب الخطوات المتعاقبة التي خطاها المصريون، طوال القرنَين الماضيَين، في مسيرة تحوُّلِهم من رعايا إلى مواطنين. كما يُقدِّم نظرة متكاملة، لا تقتصر على المقاييس السياسيّة والاقتصاديّة المعتادة، بل تشمل الأبعاد الدينيّة والنفسيّة لسلوك الجماعات والأفراد. يُشار إلى أنّ المؤلِّفَين وقّعا كتابات مشتركة عديدة تحت الاسم نفسه.
"الرجل الذي نظّم الطبيعة: حياة لينيوس"، عنوان الكتاب الذي صدر حديثاً عن "منشورات جامعة برنستون" لمؤرّخ العلوم غونار بروبيرغ، بترجمة آنا باترسون. يستعرض الكتاب سيرة عالِم الأحياء السويدي (1707 - 1778)، الذي أوجد نظام تصنيف النباتات والحيوانات المستخدم حتى اليوم، بالاعتماد على يومياته ومُراسلاته الشخصية التي تكشف تنشئته من قبل والده القسّ اللوثري الذي ولّد لديه الاهتمام الباكر بالطبيعة، بالإضافة إلى صِلاته المتينة بسياسي عصره، التي أمّنت له دعماً لبحثه العلمي، وآرائه المتطرّفة حول الحياة والحرّيات الجنسية.
من الأدب الكوري الحديث، وقّع المُترجِم المصري محمد نجيب مجموعة قصصية بعنوان "أنا في انتظارك"، للكاتبة كيم بو يونغ (1975)، وصدرت عن "المحروسة". تُعدّ المؤلّفة من أبرز كتّاب الخيال العِلمي في بلادها والشرق الآسيوي، حيث شاركت في كتابة سيناريوهات أفلام عديدة، فضلاً عن روايات وأعمال أدبية أُخرى. أمّا مجموعتها هذه فتتضمّن أربع قِصص، تُوازِن الكاتبة فيها بين متناقضاتٍ عدّة: الكآبة والأمل، والبشاعة والجمال، والحب والفقد، في محاولة منها للإمساك بخيوط القوّة الموجودة في كلٍّ من هذه الحدود، وإعادة توليفها بمهارة سردية.
للكاتب المصري محمد فرج، صدرت عن "المرايا للثقافة والفنون"، مجموعة قصصية بعنوان "شيءٌ ما أصابه الخلل". تتناول القصص موضوعة الخفة، التي سبق أن تطرّق لها كتّاب عالميون، كما تنظر في شأن الوجود الإنساني قبالة تحديات الحياة المُعاصرة، من خلال عدة نماذج لشخصيات يُمكن أن نُصادفها في واقعنا اليومي. ومن أجواء المجموعة نقرأ: "أعرف بشكل ضبابي أن الأمر سينتهي قريباً، سيتخلّص منّي أحدهم بعد أن أصبح عديم الفائدة، لكنّي أيضاً لا أكترث كثيراً. ففي ظلّ ما أعيشه ستكون الأمور أكثر خفّة لو مات الواحد بذاكرة تحمل يوماً واحداً فقط".
يحاول الكاتب الإيطالي دانيل أريستراكو في كتابه "معجم موجز للسياسية"، الصادر عن دار "سيرويلا" الإسبانية، التوجّه إلى الشباب المهتمّين بـ"ممارسة السياسة"، لأنهم مَن يجب عليهم تحسين حياتنا ،والحفاظ على مستقبل العالَم الذي يرونه الآن "تراثاً مسموماً". هكذا يوضّح المؤلِّف بمصطلحاته الخاصة، أنّ ممارسة السياسة، بالمعنى العميق للكلمة، لا تعني احتكار المناصب المهمّة، بل المشاركة والتدخّل في الواقع لحماية ما هو ضروري للحياة العامة، والحقّ في الاختيار. وهذا ما يجعل الكتاب أداة مُفيدة لمن يودّ مرافقة الجيل الجديد في هذا الدرب.
أثارت مسألة الخلق والتكوين اهتمام الإنسان منذ القدم، في محاولة منه لتفسير وجوده على سطح المعمورة. في كتاب "قصة الخلق والتكوين: بين النص الديني والأساطير القديمة"، الذي يصدر قريباً عن دار "الساقي"، يقارب الباحث الجزائري فتحي بوخالقة النصوصَ القصصية الدينية والأسطورية، لا سيما تلك التي تطرّقت لمسألة الخلق والوجود. ويهدف إلى اكتشاف الحقيقة بداخلها أو الاقتراب من فهم الحقيقة على الأقلّ، بحكم ما تحويه من تصوّرات عن الوجود في أولى مراحل تكوينه معتمداً على النظرية التأويلية الحديثة ونظريات القراءة وجماليات التلقي.
في النسخة العربية من كتاب "العالم الذي صنعته الفلسفة: من أفلاطون إلى العصر الرقمي"، التي صدرت عن دار "المدى" بترجمة رزان يوسف سليمان، يُجادل أستاذ الفلسفة الأميركي سكوت سومز، بأن الفلسفة غيرت فكرة البحث العقلاني كمفتاح للمعرفة النظرية والحكمة العمَلية للعالم الذي نعيش فيه، من القوانين التي تحكم المجتمع إلى التكنولوجيا الرقمية التي تتغلغل في الحياة الحديثة، كما أتاحت إمكانيات جديدة ووضعت مسارات أكثر إنتاجية، وباتت تشرح وتُوضِّح بشكل لم يسبق له مثيل الثراء الذي لا ينضب للعالَم، وتأثيرها على حياة الفرد والجماعة.
عن دار "جداول للنشر والترجمة"، صدر كتاب "لغز إيران المعاصرة" لأستاذة علم الاجتماع الإيرانية مهناز شيرالي، بترجمة أمين الأيوبي. تضيء المؤلّفة أسباب استمرار نظام ثيوقراطي في الهيمنة على المجتمع الإيراني منذ أواخر السبعينيات، وكيف تغلّب هذا النظام على الإصلاحات التي أنتجتها الثورة الدستورية في إيران (1906 - 1908)، وما الذي مكّن رجال الدين من الاستيلاء على القوى السياسية السائدة والسيطرة على الدولة، حيث تناقش حضورهم القوي خلال مئة عام ماضية وكيفية معارضتهم للحداثة السياسية، رغم تصالُحهم مع السياسة.