في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات السياسية والفكرية و والشعر والسيرة وتاريخ الفن
■ ■ ■
"تطور سوريا السياسي في ظل الانتداب" عنوان النسخة العربية التي صدرت عن سلسلة "ترجمان" في "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" من كتاب المفكر السوري إدمون رباط (1904-1991) بترجمة سليمان رياشي. يتناول الكتاب طبيعة العمل السياسي للاحتلال الفرنسي والقضايا التي طرحت نفسها وكانت تنتظر دائماً حلاً جذرياً، ومحاولات قادة ما قبل الحرب العالمية الأولى لتحديث الدعائم الهرمة لنظام الدولة العثمانية وفق التصورات الغربية، باعتبار أن النظام الطائفي والمنظومة الإدارية العثمانية هما نتاج الماضي، ويعثّران في سورية صنع المستقبل.
يقدّم أستاذ فنون عصر النهضة جيسي لوكر في كتابه "أرتيميسا جنتلسكي: لغة الرسم" الذي صدر حديثاً عن "منشورات جامعة يال"، سيرة للفنانة الإيطالية (1593 - 1656) تدحض الافتراضات القديمة بأنها كانت شبه أميّة، حيث تلقت تعليماً وإلماماً بفنون الفترة التي عاشتها من خلال تعلّمها الذاتي، والذي انعكس بدوره على لوحاتها التي تضمّنت أحداثاً وشخصيات تاريخية مستمدّة من الكتاب المقدس. ويأتي الكتاب في سياق إعادة النظر في دور جنتلسكي خلال عصر الباروك الذي كان من الصعب خلاله أن تبرز فنانة وتصبح عضواً في "أكاديمية فلورنسا".
"هاملت الجرافيك المصري: نحميا سعد (1912 - 1945)" عنوان الكتاب الذي صدر حديثاً للباحث المصري ياسر منجي عن "مؤسسة الجزويت للنشر والإعلام". يستعرض الكتاب حياة فنان مصري ينتمي إلى الجيل الثاني من التشكيليين المصريين ويوثق لما بقي من أعماله المعروفة، إضافة إلى كشفه عن أعمال مجهولة لم توثق من قبل في مرجعيات تاريخ الفن المصري الحديث، كذلك يشتمل على تحليلات نقدية لبعض تلك الأعمال المجهولة، تضمنت رؤية لسمات أسلوبه الفني ومعالم أدائه التقني. ويتضمن الكتاب بعض المواد الوثائقية ذات الصلة بفنه وسيرته.
عن منشورات "كافالييه بلو"، صدر أخيراً كتاب "أسود وأخضر" لفيليب بيلوتييه، وهو عمل يقدّم قراءة تاريخية في تقاطعات تيارين فكريين وسياسيين، هما: الإيكولوجيا والفوضوية. يرى المؤلّف أن هذين التيارين يقفان على أرضية واحدة هي الرغبة المعلنة في تغيير العالم انطلاقاً من فرضيّة أن العالم الحالي غير قابل للعيش لأسباب سياسية واجتماعية لدى الفوضويين، ولأسباب مناخية بالنسبة إلى الإيكولوجيين. يدرس المؤلّف أيضاً اشتغال الرأسمالية على احتواء التيارين، وتعميق التناقضات بينهما، وهو ما يفسّر قلة الالتقاء الفعلي بينهما.
عن دار "شرق الكتاب" في بيروت صدر حديثاً للشاعر اللبناني عقل العويط (1952) كتابٌ شعريّ تحت عنوان "الرابع من آب"، الذي يحيل على تاريخ الانفجار الهائل الذي ألمّ بميناء العاصمة اللبنانية العام الماضي. يتضمّن الكتاب قصائدَ تشكّل في نهاية الأمر قصيدة واحدة يخاطب فيها بيروت المنكوبة، وميناءها، ويسائل جروحهما، حبّاً ورثاءً ومديحاً. من أجواء الكتاب: "لن أسمّيكِ الضوءَ/ الذي تشظّى في الليل/ ولا الوهجَ المجمّر/ الذي ذاب تحت أنين الذهب/ وتحت شمس النهار/ لن أسمّيك مدينةً سابقة ومفقودة/ ولا القبرَ المفتوح".
"صلاح السعدني: ابن الحلم واليقظة" عنوان كتاب صدر حديثاً لأحمد خميس ضمن منشورات "المهرجان القومي للمسرح المصري" الذي أقيم الشهر الماضي. يركّز المؤلّف على المسيرة المسرحية لصلاح السعدني، التي ظلّت مهمّشة بسبب النجومية التي حقّقها في أعمال درامية أبرزها دوره في مسلسلي "بين القصرين" و"ليالي الحلمية". شارك السعدني في أكثر من 35 مسرحية عرفت تنوّعاً في الأدوار التي قدّمها، فبعضها كان مقتبساً من الكلاسيكيات العالمية، وانتمى بعضها الآخر إلى المسرح الاجتماعي، كما كانت له تجارب في المسرح السياسي وفي الكوميديا.
"الهجرات عبر المتوسط من العصور الوسطى إلى أيامنا" عنوان كتاب جماعي باللغة الفرنسية صدر حديثاً عن منشورات "نيرفانا"، وأشرف عليه الباحث التونسي رياض بن خليفة، وقدّم العمل إهداءً للجغرافي المغربي محمد شارف. من خلال ثيمة الهجرة، يقرأ المشاركون تحوّلات العلاقات الدولية في منطقة البحر الأبيض المتوسط، التي تمثّل في الوقت نفسه نقطة التقاء بين الشرق والغرب، بالدلالات المتداولة لهذين المصطلحين ضمن العلوم الإنسانية، من الفلسفة إلى الدراسات الأدبية، وبين الشمال والجنوب بحسب مصطلحات العلوم السياسية.
"الأميرة والخاتم" هو عنوان آخر روايات الكاتب اللبناني رشيد الضعيف (1945)، الصادرة حديثاً لدى "دار الساقي" في بيروت. تدور الرواية في مساحة تجريبية جديدة في أعمال صاحب "تبليط البحر" (2011)، وتتمثل في عالم سحريّ أو شبه سحريّ يذكّرنا بـ"أليس في بلاد العجائب" وحكايات الأخوين غريم. تحكي الرواية قصة ملك وملكة وابنتهما الأميرة وخاتمها الضائع؛ تنام الأميرة دهراً طويلاً في انتظار حبٍّ سيقودها في نهاية المطاف، عبر رحلة في الزمن، إلى فلسطين، التي تعدّ من الأسماء الواقعية النادرة التي تأتي الرواية على ذكرها.
أصدرت منشورات "بايّو وريفاج" السويسرية حديثاً كتاب "بودلير وشعراء آخرون" للكاتب والروائي النمساوي ستيفن زفايغ (1881 - 1942). يضم الكتاب ست مقالات لم يسبق نشرها يتناول فيها زفايغ، إلى جانب بودلير، شعراء فرنسيين مثل فيكتور هوغو وبول فرلان، أو ألماناً مثل راينر ماريا ريلكه، أو بلجيكيين مثل إيميل فرهايرن. يصف زفايغ التقاطعات بين هذه الأسماء، ويحاول التقاط "الحركات الخفية" التي ميّزت المرحلة الشعرية التي عاشوا فيها. يأتي الكتاب في مطلع عام يُحتفل فيه بالذكرى المئوية الثانية لولادة بودلير (1821 - 1867).
يقدّم المترجم السوري أحمد م. أحمد في "المحيط تحت المخدة: قصائد لـ 14 شاعراً أميركياً من أصل عربي" الذي صدر حديثاً عن "دار خطوط وظلال"، أسماءً من الموجة الجديدة من شعراء الولايات المتحدة ذوي الأصول العربية، ومنهم نعومي شهاب ناي وناتالي حنظل وخالد المطاوع، الذين حافظوا على العلاقة مع ثقافتهم ولا يزالون يكتبون عن لغتها وقضاياها. هذا لا يمنع الكتاب من اعتبار شعراء هذا الجيل أنهم في قطيعة مع جيل "المهجر" الأول وخطّه الرومانسي، وأكثر قرباً من التيارات الثقافية الأميركية المعاصرة.