في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دُور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية، ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المُترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أُولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات السياسية والأنثربولوجيا والبحوث التاريخية والفلسفية، والترجمات، والقصة القصيرة.
عام 1993 وقّعت منظمة التحرير الفلسطينية مع الكيان الصهيوني مبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي، وعُرفت باسم "اتفاقيات أوسلو". بعد مرور ثلاثة عقود، أصبح الوضع الإنساني والسياسي في فلسطين المحتلّة أسوأ بكثير من ذي قبل. فقد قضم الاستعمار الاستيطاني بقية الأرض الفلسطينية. يُحلّل كلٌّ من الباحثَين الإسبانيَّين خوسيه أبو طربوش وإيسايس بارينييادا في كتاب "فلسطين: من اتفاقيات أوسلو إلى الفصل العنصري"، الصادر عن "دار كاتاراتا" الإسبانية، ممارسات الاحتلال الإسرائيلي بعد أوسلو، والتي تعبّر عن استعمار استيطاني قائم على نظام فصل عنصري.
للباحث الجزائري قدّوري عبد الكريم صدر عن "دار ابن النديم" كتابُ "دعائم الأنثروبولوجيا: النظريّات والمفاهيم الأساسية". يُعرّف العمل بالأنثربولوجيا من زاوية اجتماعية، رغم ما تأكيدات الباحث أن ظهورَها متأخّر مُقارنة بسائر العلوم الاجتماعية. كما يذهب عبد الكريم إلى أنّ جذور هذا العِلم قديمة، حيث شهدت العديد من الحضارات كالمصرية واليونانية المبادئ الأولى له، وإن ظلّت مُشتّتة وغير معرّفة في ذلك الوقت، لكنّ تلك الأوّليات هي ما مهّد الطريق أمام التوسّع الذي تشهده حقول الدراسات الأنثربولوجية، وخاصة على المستوى الأكاديمي.
صدر عن "منشورات جامعة كاليفورنيا" كتاب "ما وراء الاستشراق: أحمد بن قاسم الحجري بين أوروبا وشمال أفريقيا" لأستاذة الأدب المقارن أمّ البنين زهيري. تتتبّع المؤلّفة سيرة العالِم الأندلسي (1570 - 1641) الذي هرب إلى المغرب بعد سقوط غرناطة، ووضع العديد من المُؤلّفات حول رحلاته إلى بلدان أوروبية مثل هولندا وفرنسا، وتَواصل هُناك مع المستشرقين الأوائل في جامعات أوروبا وامتلك خبرة واسعة في القانون، كما ترجم مؤلّفات عربية عدّة إلى اللغة الإسبانية وبالعكس، قبل أن ينتقل للعيش في مراكش والعمل مترجماً لدى سلاطين المغرب.
بتوقيع المُترجِمَين نوفل نيوف وعادل إسماعيل صدر عن "الهيئة العامة لقصور الثقافة" كتابٌ بعنوان "سوريا القرن 19 في رحلات روسية"، لمجموعة من المؤلّفين. يضمّ العمل كتابات عدد من الرحّالة الروس الذين زاروا سورية في تلك الفترة، وشكّلت مدوّناتهم مرجعاً في تفصيل بعض العادات الاجتماعية. من غلاف الكتاب نقرأ: "إن الناس هنا يربّون الحمَام ويأكلونه كالدجاج، وإذا ما ضرب الحصان الأرض بحافره غاضباً، اتَّخذ صاحبه جانب الحِيطة والحذر خشية اللقاء بعدو، وإذا ما صهل ومطّ رقبته، كان ذلك إيذاناً بلقاء مع قريب أو صديق في المساء".
عندما يُواجه المُشاهد الغربي الإنتاج الفنّي للعالَم الهندي، فإنه غالباً ما يتردّد بين الانبهار وعدم الفهم. هكذا في حيرة من أمره أمام هذه الأيقونية التي يعتقد أنّه لا يملك الرموز اللازمة لتقديرها. يبحث كتاب "عبقرية الفنّ الهندي" الصادر عن منشورات "Les Belles Lettre" للباحث الفرنسي فيسنتي ليفيفر، في توفير مفاتيح تسهّل قراءة وفهم هذا الإنتاج الأيقوني والمعماري، وذلك عبر رسوم توضيحية ملوّنة يبلغ عددها 150 عملاً، ومصادر نصية عديدة تُتيح للقارئ إمكانية النفاذ إلى عوالم هذا الفنّ وما فيه من رموز وتلويحات.
"احتمالات لانهائية للغياب" عنوان المجموعة القصصية التي صدرت عن "دار العين للنشر" للكاتبة المصرية آية طنطاوي. ترصد القصص حالات اختفاء مجموعة من النساء عِشن في حيّ الغايبين وهو حيّ شعبيّ بالقاهرة أصابته قبل سنوات طويلة لعنة اختفاء نسائه وهروبهنّ الأبدي. تتجوّل الكاتبة بين الماضي البعيد والحاضر والمستقبل القريب، لكن يبقى الغياب هو أصل الحكايات، وإن اختلفت الأسباب بين أسطورة وخرافة وقتل وارتحال وحقيقة غائبة وأحلام ليس لها تفسير. سبَق لطنطاوي أن وقّعت مجموعتين قصصيّتين هُما: "في مدّ الظلّ" (2021)، و"أبيض وأسود" (2016).
"عرب العراق والجزيرة: بحوث عن العراق والجزيرة العربية" عنوان الكتاب الذي صدر عن "دار الرافدين" و"تكوين" لغيرترود لوثيان بيل وآخرين، بترجمة وإعداد علي أبو الطحين. يضمّ الكتاب مجموعة تقارير استعمارية أعدّتها المستشرقة وضابطة الاستخبارات البريطانية (1868 - 1926) وعدد من الباحثين المرتبطين بوزارة الدفاع البريطانية حول بلاد الرافدين من ناحية السكان وطبيعة البلاد الجغرافية، وإمكاناتها المستقبلية، وعلاقة سكّانه مع الجزيرة العربية، والأهمية الاقتصادية للولايات العربية في سورية والولايات التركية في آسيا الصغرى والأناضول.
عن "المركز القومي للترجمة"، صدرت النسخة العربية من كتاب "الزواج والحداثة" للباحث الأميركي كينيث كونو. يُناقش الكتاب التغيُّرات السياسية والاجتماعية والديمغرافية التي أثّرت على الزواج والحياة الأُسَرية وإنتاج أيديولوجية الأُسرة من قِبل المثقّفين الحداثيّين في مصر خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، حيث اتّخذت التنظيرات حول العائلة كجزء أساسي في سياق التقدُّم والنهوض في المجتمع، وتتقاطع هنا قضايا الحداثة الاستعمارية وتأويل أحكام الشريعة الإسلامية والإصلاح القانوني، والتاريخ الاجتماعي، وتاريخ المرأة.
"اللحظةُ القومية العربية" عنوان الكتاب الصادر "دار النهار" للسياسي والحقوقي اللبناني شارل رزق (1935). وفيه يُضيء، من زاوية سياسية، على الفكر القومي العربي ضمن ثلاثة فصول؛ يتوقّف الأوّل عند أبرز محطّات التاريخ العربي من جهة جدَليّة القومية والشُّعُوبية، ويتناول الثاني ظهور أيديولوجيا القومية العربية في القرن العشرين عبر تجربة جمال عبد الناصر. ويبحث الثالث في التخلّي المُطّرد، بعد نكسة 1967 والثورة الإيرانية عام 1979، عن مفهوم القومية العربية وإبداله إمّا بالعودة إلى السلفية الإسلامية وإمّا بإحياء الدولة القُطرية.
"كيف يُفكّر المفتون: فقه المرأة في أوروبا الغربية" عنوان كتاب لينا لارسن؛ أستاذة تاريخ الأديان في "جامعة أوسلو"، والذي صدرت ترجمتُه العربية عن "مركز نهوض للدراسات والبحوث" بتوقيع أحمد العدوي. يدرس العملُ فتاوى متعلّقة بقضايا المرأة في أوروبا الغربية، صدرت في العقود الأخيرة، من أفراد أو هيئات؛ أبرزها "المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث" في أيرلندا. تبيّن هذه الفتاوى وجود منظورين مختلفين لدور المرأة ومكانتها في المجتمع: الأوّل يراها تابعاً للرجل وعليها طاعته، والثاني يؤكِّد على حقوقها ومساواتها بالرجل في كلّ جوانب الحياة.
يعدُّ كتاب "حوادث دمشق اليومية" لشهاب الدين أحمد بن بدير، من الكتب التي أرَّخت لمدينة دمشق في العهد العثماني. فمؤلّفه رجلٌ اتخذ من الحلاقة مهنة يتكسّب منها، لكن كونه حلاقاً لا يعني أنه رجل عادي، فقد كان فقيهاً ومتصوّفاً أيضاً. وعندما طلب منه عددٌ من معارفه أن يكتب ويُسجّل الحوادث اليومية التي تقع في مدينة دمشق، استجاب لطلبهم وسجّل حوادث 23 سنة، تقع ما بين سنتي 1154 و1176 للهجرة، بلُغة تجمع بين العامية والفصحى. حصل الباحث فارس العلاوي على نسخة مصوّرة من المخطوط، وقابلها ودرسها وقارنها مع غيرها، وصدرت عن "دار نينوى".