ستّة أشهر، تقريباً، مضت على إغلاق أغلب المرافق الثقافية أبوابها من فرنسا. من صالات السينما إلى المسارح، مروراً بالمتاحف وصالات الأوبرا والموسيقى: الصمت وربما الغبار، وبالتأكيد بعض المتظاهرين الغاضبين من هذا الإغلاق، هم أسياد المشهد.
وحدَها الغاليريهات وأروقة العرض الخاصة شكّلت استثناءً في هذه الخارطة الثقافية، حيث ظلّت فاتحةً أبوابها، لتشكّل رئةٍ فنّيّة أخيرة لمن أرادوا الخروج من كآبة العزل الصحّي إلى عوالم أخرى. ومع الغاليريهات، كانت وما تزال المكتبات استثناءً، له حديثٌ وسببٌ آخران: فالحكومة، أمام نهَم الفرنسيّين على القراءة خلال مرحلة العزل (وبشكل عام)، اضطرّت إلى الاعتراف بأنّ المكتبات أمكنة "أساسية" للحياة، حالها كحال أماكن بيع الأغذية، ولا بدّ من تركها مفتوحة الأبواب.
لكنّ استثناء صالات العرض الفنّيّة لم يطل، على الأقلّ في باريس وبعض المدن الأخرى، لا سيّما في الشمال، مثل ليل وأميان، حيث أعلنت الحكومة، قبل يومين، إقامة عزْلٍ فيها، وغيّرت من قائمة الأماكن المسموح لها بفتح أبوابها خلال فترة العزل الذي سيدوم شهراً على الأقلّ.
لكن ما أثار غضب المسؤولين عن هذه الأروقة، والعاملين بشكل عام في حقل الفنون البلاستيكية والنحت، هو سماح الحكومة لـ"منافسيهم" بالعمل بينما هم متوقّفون عنه. ومنافسوهم هم، في الدرجة الأولى، دور المزادات، التي سُجّل ارتفاع كبير في عدد المقبلين عليها خلال سنة من الجائحة. وتُضاف إلى هذه الدور المواقع الإلكترونية الهاوية، أو حتى مواقع المؤسسات الثقافية الكبرى المغلقة، والتي تمتلك جهوزيّة أكبر لعرض ما يمكن عرضه من أعمالها الملغية أو المؤجّلة عبر منصّات الإنترنت.
وفي أمَل بتغيير هذا الحال سريعاً، قدّمت "لجنة صالات العرض"، التي تشكّل جمعيّة لمسؤولي الأروقة الفنّيّة، اعتراضاً على شمْلها بالإغلاق، متعذّرة ليس فقط بمساوئ هذا القرار عليها، بل وكذلك على الفنّانين، الذين لن يمكنهم الاستمرار في عملهم في غياب جمهور ومشترين لأعمالهم.
في الأسابيع الماضية، وبينما كانت أغلب الأماكن الثقافية مغلقةً باستثناء الغاليريهات والمكتبات، كانت طوابير الانتظار تطول أحياناً عدّة أمتار أمام بعض الغاليريهات، في دليل على الدور الكبير الذي تلعبه أمام متابعي الفنّ. وقد دفع هذا الازدحام، وضرورة احترام شروط التباعد الاجتماعي، بعض هذه الصالات إلى اقتراح أخذ مواعيد فردية، عبر الإنترنت، لزيارة المعارض التي تقترحها.
إغلاق صالات العرض الذي يشمل إقليم إيل دو فرانس، الذي تقع فيه باريس، وإقليم الشمال، الذي تقع فيه ليل وأميان، يعني إغلاق أكثر من نصف الغاليريهات في فرنسا. ذلك أن باريس ومحيطها، وحدهما، يحتويان أكثر من 53 في المائة من مجمل عدد صالات الفنّ في البلد.