"الحضارة المصرية" لشوقي جلال: طبعة جديدة

28 يونيو 2023
بردية فرعونية في "المتحف المصري" بمدينة تورين الإيطالية (Getty)
+ الخط -

في عام 1997، أصدر الباحث والمترجم المصري شوقي جلال كتابه "الحضارة المصرية: صراع الأسطورة والتاريخ"، والذي حاول فيه إعادة النظر في التاريخ المصري القديم من خلال دراسات علمية، وليس من خلال التراث الديني بحسب الرواية التوراتية المتواترة حوله.

عرض في جلال أيضاً لكتاب "أثينا.. أفريقية سوداء" للمؤرّخ الأميركي مارتن برنال، والذي تتضمّن ثلاثة مجلّدات، لأهمية ما يضيئه حول الحضارة اليونانية بالرجوع إلى أولى مؤلّفاتها التي وصلت الغرب خلال القرنين الرابع عشر والخامس عشر، وتشير مضامينها إلى مشرقية هذه الحضارة وتفاعلها الوثيق مع مصر، ما ينفي أنّها حضارة غربية.

صدرت حديثاً نسخة جديدة من كتاب جلال عن "دار الروافد" في بيروت، وهي تعيد الانتباه إلى أحد المؤلفات التي تفنّد النظرية السائدة في أوروبا وأميركا، والقائلة بأنّ اليونان هي مهد الحضارة، وبالتالي فالسيادة للإنسان الأبيض حفيد هذه الحضارة.

غلاف الكتاب

ويوضّح الكتاب كيف أنّ للحضارات المصرية والبابلية دور كبير في تشكيل بلاد الإغريق وانتقال العلوم والفلسفة والسياسة النظرية منهما إلى اليونان، بل إن المصريّين استوطنوا بلاد الإغريق من موقع السيادة السياسية والثقافية، بحسب المصادر اليونانية ومنها محاورات أفلاطون.

وحاول جلال الدفاع عن موسوعة برنال التي هاجمها العديد من الأكاديميين المصريين حين صدورها، بفعل تأثّرهم بالرواية الغربية، مؤكّداً أنّها تستند إلى الوثائق والنقوش الأثرية للتدليل على أثر المصريّين وغيرهم في الحضارة اليونانية، حتى أنّ لغة الأخيرة مشبعة بمفردات ذات جذور مصرية، كما أنّ هناك علاقة نشوئية تكوينية بين اللغات الهند أوربية وبين اللغات الأفروآسيوية.

كما يقف عند العديد من الشواهد التي دلّل عليها برنال، مثل أسماء البلدان والمعالم اليونانية التي تعود إلى أصل سامي أو مصري، وكذلك فإنّ الآلهة والطقوس المصرية أسبق وهي الأصل، وثمّة في اليونان آلهة مصريون يُعبدون بأسماء مصرية وطقوس مصرية، وأنّ أسماء أبطال الأساطير اليونانية هي أسماء مصرية، وغيرها من الأدلّة على أن المصريّين والفينيقيّين أقاموا مدناً ومستوطنات في اليونان القديمة، ما يُثبت كذب مزاعم أصحاب الأيديولجوية الآرية التي انحازت لأسطورة المركزية الأوروبية وأن اليونان أوروبية؛ نشأة وثقافة وحضارة.

ويبيّن شوقي جلال، في مقدمته، أنّ كتابه "استهلال لمحاولة بناء الوعي المصري تأسيساً على رؤية تاريخية صادقة، تسقط معها مرة وإلى الأبد أساطير وأوهام حكمت فكرنا وأطرنا المعرفية باسم علم كاذب وأكاديمية زائفة. نحن مع العلم والأكاديمية شريطة التزام صادق بمنهج البحث العلمي. لقد صادف هذا الكتاب نقداً من الدوائر المحافظة في الغرب، لأنه ينزع عنها قناع أيديولوجيا تمجيد الجنس الأبيض".

المساهمون