تُشكّل الرواية الإفريقية المكتوبة بالعربية جُزءاً كبيراً من الإرث الأدبي للقارّة السمراء، حيث تقع على تقاطُع بما تتضمّنه من موضوعاتٍ وأصواتٍ وقضايا مع خريطة المعاني الإنسانية العامّة التي رسمها الأدباءُ الإفريقيون عموماً، لا سيما في القرن العشرين الذي ظلّ يعجّ بأحداثٍ سياسية وثورات تحرُّرية جمّة.
"الأدب الإفريقي بين المركز والهامش: الرواية الإفريقية المكتوبة باللغة العربية"، عنوان الكتاب الصادر حديثاً، عن "ألفا للوثائق"، للباحث الجزائري وليد خالدي، وفيه محاولة لإضاءة الإشكاليات الراهنة والأشكال التعبيرية، التي يمكن ملاحظتُها في نصوص هذا النوع الأدبي، والذي تلعبُ فيه الجغرافيا دَوراً تصنيفياً متميّزاً.
ينقسم الكتاب إلى محاور عدّة، هي: "الأدب الإفريقي: معاني ودلالات المفهوم"، و"الأدب الإفريقي: ما بعد الكولونيالية والدرس الأدبي"، و"أدب ما بعد الكولونيالية: عنف المتخيّل في رواية 'الزنجية' للروائية الجزائرية عائشة بنور"، و"بلاغة التواتر السردي: المحكي الإفرادي"، و"عنف المُتخيّل وسؤال الوعي".
يتناول الباحث موضوعة الزنوجة، وفق ما تجلّت عليه في رواية "الزنجية"، للكاتبة الجزائرية عائشة بنور، وانطلاقاً منها ينفتح على قوسٍ من الكتابات التي عرضت هذا الملمح القويّ في الأدب الإفريقي، مُعتمداً على منهجيةٍ مُقارنة تُدلّل على هول العنف الاستعماري المُستبطَن، وكيف راح يتشظّى في أبعاد النصوص، ويُعيد صوغ التجربة الوجودية لكُتّابها.
وإلى جانب الاستعمار، والعنف، والجغرافيا، يقرأ الباحث في ثيمات أُخرى تحضر أصداؤها في الرواية العربية الإفريقية، مثل الهجرة (التي تُعيد أبطالها إلى مواجهة الآخَر والإحساس بمشاعر الاغتراب والنفي)، بالإضافة إلى موضوعات كالتمييز العنصري، والأمراض الفتّاكة، والأنظمة الاستبدادية.