تعد الشعيبية طلال من رائدات الفن الفطري في المغرب والعالم العربي، والتي بدأت الرسم في مرحلة متأخرة نسبياً عندما نقلت العديد من الشخصيات النسائية التي كانت تشاهدهن في الواقع إلى اللوحة، وتقدّمها بأسلوب لاقى تقديراً والتفاتة من قبل النقّاد والفنانين الأوروببين المقيمين في بلادها.
استطاعت الفنانة التشكيلية المغربية (1929 – 2004) أن تخلق عوالمها الخاصة التي تصوّر وجوه النساء وترسمهن محاطات بجمال الطبيعة وصخب الألوان والأزياء والزخارف والأشكال، وكانت أولى أعمالها على قطع من السجاد المصنوع يدوياً، وعبّرت عن ذلك في مقابلة قالت فيها "أنا عندما أرسم أكون كالطائر في السماء وكالغرس في الأرض، واللوحات التي أرسمها تنبع أفكارها من مسقط رأسي المفعم بالطبيعة".
"الشعيبية.. ساحرة الفنون" عنوان المعرض الذي افتتح في الحادي عشر من الشهر الجاري في "فضاء سي دي جي إكسرشن" بالرباط، والذي يتواصل حتى الخامس عشر من آذار/ مارس، بتنظيم من "مؤسسة صندوق الإيداع والتدبير".
يتناول المعرض ثلاث مراحل أساسية من تجربتها، تغطّي الأولى الفترة من 1960 إلى 1972 بعنوان "نداء.. الإرهاصات الأولى إلى تأكيد التفرد"، والثانية من عام 1972 إلى 1990 بعنوان "سنوات النجاح.. من المعارض الأولى إلى الاعتراف الدولي"، ثم المرحلة الأخيرة بين سنتي 1990 و2003 بعنوان "السنوات الأخيرة".
ويلفت الانتباه في تجربة الشعيبية تجاهل فنّها من قبل معظم الفنانين المغاربة خلال خمسينيات وسيتينات القرن الماضي، في مرحلة برزت خلالها أسماء تلقّت جميعها تعليماً أكاديمياً في معاهد وجامعات أوروبية ومغربية، وربما كان الاعتراف الغربي بالفن الفطري الذي قدّمته طلال دور في تغيير النظرة إليها.
يضيء المعرض على شخصية الفنانة التي انحازت إلى حقوق المرأة ودافعت عنها، ويقدّمها بيان المنظّمين بوصفها "امرأة منفتحة على عصرها وكأيقونة للفن المغربي"، كما تصدر المؤسسة كتاباً حول سيرة الشعيبية يتضمن قصيدة كتبتها بنفسها، والأعمال المعروضة خلال المعرض، ويستعيد كتابات حولها للناقد إبراهيم العلوي، ومقتطفا من كتاب "السندباد المغربي" للباحثة فاطمة المرنيسي.
يعود الكتاب إلى أول معرض أقامته الراحلة في العاصمة المغربية عام 1966، وكيف استطاعت أن تسرق الأضواء عبر تقديمها تلك البساطة في تكوينات لوحاتها وإصرارها على المضي بفنها رغم عدم تقدير البعض، وقد كتبت عنها المرنيسي قائلة "تمكنت، في مجتمع مبرمج لإهانة المرأة، من إحباط المخططات وتفكيك الآليات، دونما تعمد ومجردة من كل سلاح، لأن البحث عن الكرامة صار هو رد الفعل الأكثر تلقائية للبقاء وللحياة، بشهادات أو دونها"، معتبرة أنها "شعاع من الضوء يتموج ويومض ويسمى إنساناً حتى لو كنت امرأة يعتبرها بعضهم هنا وهناك تافهة وثانوية وعديمة الأهمية".