لم تُبقِ حربُ الجنرالات الدائرة في السودان، منذ نيسان/ إبريل الماضي، الكثير من المُتنفَّسات والهوامش للفعل الثقافي في البلاد، حيث حُوصر أغلبُ الفاعلين من فنّانين وكُتّاب، وحالت بينهم وبين الاشتغال الإبداعي حواجزُ كثيرة؛ وإنْ كانت بعض الإصدارات المعرفية، أو المعارض التشكيلية، تُنشَر وتُقام في الولايات الآمنة كبورتسودان شرقيّ البلاد، أو حتى في الخارج.
عام 2003 انطلقت "جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي"، التي ينظّمها "مركز عبد الكريم مرغني الثقافي" في أمّ درمان، بدورتها الأُولى، تخليداً لاسم الروائي السوداني (1929 - 2009). وقد بدأت فكرتها الأولى، في القاهرة عام 1998، بمشروع احتفالية بسبعينية مولد صاحب "عرس الزين" (1962)، من بعض أصدقائه والمهتمّين بأدبه.
وعلى مرّ الأعوام السابقة - باستثناء عام 2014 - استطاعت الجائزة أن تُحافظ على انتظامها في الانعقاد السنوي، إلّا أنّ المُنظّمين أعلنوا، قبل أيام، توقُّفَ الجائزة لهذا العام، وذلك بفعل الحرب. كما أُلغيت، أيضاً، الدورة التاسعة عشرة من "المؤتمر العِلمي للرواية السودانية"، والذي تُعقَد أشغالُه عادةً، قبل يومين من موعد الإعلان الثابت والرسمي عن الجائزة، في الحادي والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر من كلّ عام.
كما أكّد المنظّمون أنّ الجائزة لم تدّخر جهداً لإقامة المسابقة في مواعيدها، وبكُلّ حيثيّاتها كعهدها في الدورات السابقة، منذ انطلاق دورتها الأُولى، ولكن باءت كلّ المحاولات بالفشل؛ نظراً لظروف الحرب وتداعياتها، مُشيرين في الوقت نفسه، إلى أنّ حقوق المُبدعين والكتّاب الذين سلّموا أعمالهم للّجنة، ستبقى محفوظة حتى الدورة القادمة.
يُشار إلى أنّ الدورة الأخيرة منها قد عُقدت العام الماضي في الموعد المُعتاد. هذا وتعدُّ الجائزة ذاتَ طابع محلّي، وتقتصر على الرواية السودانية فقط (على خلاف الجائزة السودانية الأُخرى: "الطيب صالح للإبداع الكتابي"، ذات الطابع العربي، وتتضمّن أجناساً كتابيةً متعدّدة)؛ وقد حازت عليها أسماء عديدة مثل منصور الصويم، والحسن بكري، وسارة الجاك، وعاطف الحاج سعيد، وعبد العزيز بركة ساكن، وعلي أحمد الرفاعي، وغيرهم.
وإلى جانب تكفُّلها بطباعة الروايات الفائزة في كُتب مُنتظَمة الصدور، تطبع "جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي"، أيضاً، بُحوثَ المؤتمرات العِلمية للرواية السودانية المُصاحبة لها، وأطلقت مع انتهاء الدورة السادسة عام 2008، مسابقة تشجيعية للشباب في القصة القصيرة.