تبدو الديمقراطية في تونس، اليوم، السؤال الأكثر إلحاحاً. فالبلد الذي كان سبّاقاً بانتفاضته الأولى على المستوى العربي، والتي ألهمت بسلميّتها وتطلّعاتها الجماهير، شهد انتعاشةً سياسية واجتماعية لفترة قصيرة بعد الثورة، قبل أن تلتفّ قوى النظام القديم، ومن بعدها عقلية الاستبداد، على المشهد برمّته، وتعيد انتهاج التفرّد بالحكم والملاحقات والاعتقالات.
ولمّا كانت الديمقراطية في ذاتها حالةً لا يُمكن أن تكون محض مُمارسة، فإنّه لا بد لها في المقابل من نظرية أو قول فلسفي يؤطّرها وينظرُ في حيثيّاتها. ومن هنا تأتي أهمية الندوات واشتغال الباحثين فيها، والسعي إلى خلق تواصل مع الجمهور عبر ذلك النشاط.
ضمن فعاليات الدورة السابعة والثلاثين لـ"معرض تونس الدولي للكتاب"، المقام هذه الأيام في تونس العاصمة، تنتظم عند الحادية عشرة من صباح الخميس المُقبل، في "قصر المؤتمرات - قاعة دجلة والفرات"، ندوةٌ بعنوان "الفلسفة والديمقراطية"، ويُيسّرها المفكّر والأكاديمي التونسي فتحي التريكي (1947).
وعلى مدار ساعتين من الزمن، يُناقش ستة باحثين مواضيع مختلفة حول مفهوم الديمقراطية، وذلك على ضوء كلٍّ من المُستجدّات السياسية التي تعيشها البلاد من جهة، ودور الإسهامات الفلسفية في فهم وتفسير ما يحدث من جهة ثانية.
"تجديد التفكير الديمقراطي اليوم" عنوان الورقة الأُولى التي يفتتح بها الباحث حميّد بن عزيزة الندوة، وينظر من خلالها في أوّليات التفكير بمسألة الديمقراطية، متسائلاً حول إمكانية تجديد آليات عملها بوصفها ممارسة سياسية. أمّا محمد أبو هاشم محجوب، فيتناول في "نهاية الديمقراطية وبداية الفلسفة" العلاقة بين المفهومين، والتخوم المشتركة بينهما، وعند أي حدّ تنتهي الممارسة ويبدأ الجانب النظري منها.
ومن أوراق الندوة أيضاً: "مفارقة الديمقراطية: أسوأ نظام باستثناء كلّ النُّظُم الأُخرى" لمحمد الشريف فرجاني؛ و"الفنّ والديمقراطية" لأم الزين بن شيخة؛ و"حول نمذجة النُّظم السياسية، الديمقراطية مثالاً" لمحمد علي الحلواني؛ و"من أجل تجذير الديمقراطية" لعبد السلام حيدوري.