"الكثير من الحُبّ والحياة": غزّة المكتوبة بأقلام فتيانها

21 أكتوبر 2024
تمسّك بالإفصاح كما الوجود رغم الألم والحزن اليومي
+ الخط -

"جيشٌ من الكُتّاب الصغار، تَفرّق في بُقع النزوح المنزوية، يعْبُرون من أنفسهم إلى العالم، ويسجّلون لأنفسهم مكاناً جديداً في الحياة، من موقع جديد، وبصفات جديدة. إنّ ما يكتبونه ليس توثيقاً أو تعبيراً فحسب، إنّها بطولات البقاء رغم هشاشتها، وحكايات لم تقُل كلّ شيء، نهايات مفتوحة ومصائر غامضة، وخبايا عبّأها الصغار في ذاكرتهم، وأشاروا إلينا بأصابعهم على موضع الألم، ولم يكتبوا كلّ شيء". بهذه الكلمات تُقدّم الكاتبة الفلسطينية هبة الأغا للعدد الرابع من مجلّة "بعض من الحُبّ والحياة"، الذي صدر حديثاً بمساهمة أعضاء "نادي الكتابة الإبداعية" و"نادي الفنون البصرية" في "مركز القطّان الثقافي" بـ غزّة.

حمل العدد الاستثنائي عنواناً مختلفاً هذا العام هو "الكثير من الحُبّ والحياة"، وتضمّن ما أرسله كُتّاب ورسّامون فتيان خلال عام كامل من الإبادة اليومية، بمقاومتهم محاولات كسرهم وإفنائهم، وتمسّكهم بالإفصاح كما الوجود، رغم الألم والحزن اليومي.

45 نصّاً تعكس أحوال الإنسان الفلسطيني في مواجهة آلة القتل

في النصّ الأوّل "ثلاثة عشر يوماً تملّصت من التقويم"، تكتب أفنان نبيل اسليم (16 عاماً) عن تجربتها في اليوم الثالث عشر من حرب الإبادة، 20 أكتوبر/ تشرين الأوّل 2023: "ثلاثة عشر يوماً والسماء منمّشة بالطائرات، ثلاثة عشر يوماً تأكلنا تنهشنا تشوّهنا، والعالم مستمرّ في ارتقائه إلى آخر مراحل جنونه، ثلاثة عشر يوماً وأنا أُحاول الاختباء في قمقمي. اتركني أيها العالم فأنا ما أزال حبّة لوز خضراء".

أمّا آية منير عمر هدهد (16 عاماً)، فتُقيم حواراً مع قطعة الخبز في نصّ بعنوان "أهلاً يا قطعة الخبز: سأروي لك تفاصيل من حربنا الحديثة". تكتب: "قوس قزح الرمادي الذي لا يفارق السماء مع نجومٍ مشتعلة تأتي وتختفي، بكاء كلّ صلاة، نزوح الأهالي، خوفنا كلّ دقيقة على الأقارب، ما المصير غداً؟ هل سنبقى أم لا؟ تمنّي الموت في أغلب الأوقات لنيل الشهادة، تأمين أنفسنا بأغلب مقوّمات الحياة كي نعيش إلى حين انتهائها أو انتهائنا".

صورة من غزة - القسم الثقافي
الشاب الفلسطيني تامر زياد يرسم خريطة فلسطين على جدار مهدّم في حي الشجاعية بمدينة غزة، 21 مايو/أيار 2024 (Getty)

وتكتب سما أحمد شتات (19 عاماً) في نصّها "لمن تكتبين يا سما؟": "أكتب وأنا أمقت فكرة وجود قارئ، إن كان في داخل هذا الخراب أم خارجه. تقول الأخبار إنّنا مدينة منكوبة إنسانياً. تأكّد يا عزيزي القارئ من صحّة الخبر، ثم راسِلني وكذّبه وأخبرني بأنّه ستبقى لي مدينة وشارع. تقول أمّي 'الحزن رفاهية نحن لا نملكها'. وتأتي أمّي مع لحظات صمت الصواريخ وتسألني: 'سما، إنتِ عرفتي مين استشهد كمان؟'. وأعرف أكثر ممّا يكفيه حزني، ولكن الحزن رفاهية يا عزيزي، فمن أين لنا بالدموع؟".

وعن "اليوم 104 حرب"، تكتب جنان أحمد زهد (15 عاماً): "تنظر إلينا فتشعر أنّ رسّاماً سكب اللون الأحمر عن طريق الصدفة على لوحة كانت تُسمّى غزّة، لكنّه أطلق عليها محيط الدماء".

وتنظر رتاج خالد الشرقاوي (15 عاماً) إلى "أحلام متساقطة": "لقد بدأت أحلامنا بالتساقط، فقد ثقلت من تراكمها، تتساقط مع أمطار نوفمبر، وأخشى أن تُحرقها شمس مارس!".

من عناوين العدد أيضاً: "نصّ للشهيدة رغد فروانة قبل الحرب" لجنان عماد الجيار (16 عاماً)، و"طريق النجاة الطويل" لدانا ناصر فليفل (17 عاماً)، و"كم صار العادي حلماً" لحيدر الغزالي (20 عاماً)، و"خانحرب" لنيسان أبو القمصان (17 عاماً)، و"الناجي الوحيد من الموت" لنريم محمد الخطيب (20 عاماً)، و"المسيح في غزّة" لروان محمد وليد قويدر (18 عاماً)، و"أسنحيا؟ مَن غادَر الآخر، نحنُ أم الحياة؟" لشهد عبد الهادي شبانة (17 عاماً)، و"الخامسة صباحاً!" لحلا أحمد الزيناتي (15 عاماً)، و"يُقال إنّ البحر في حداد" لإيفا رأفت أبو مريم (19 عاماً).
 

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون