تحتفظ جورجيا، كما العديد من الجمهوريات السوفيتية السابقة، بمخطوطات كُتبت بلغات شرقية مثل العربية والفارسية والعثمانية وغيرها، تشير إلى تفاعل حضاري قديم يعود إلى حوالي القرن الخامس الميلادي، وهي تتضمن المعارف والعلوم والأعمال الدينية التي تمّ نسخها في الجمهورية القوقازية، وأخبار المسلمين فيها وفي عموم المنطقة.
يبلغ مجموع الوثائق الذي يحتويها "المركز الوطني الجورجي للمخطوطات" منذ تأسيسه عام 1958، أكثر من ثلاثين ألف وثيقة بهذه اللغات، يتجاوز ما كُتب منها بالعربية نحو ألف وخمسمئة، لم يتسنّ دراسة معظمها حتى الآن.
يُفتتح صباح الأحد، الحادي والعشرين من الشهر الجاري، في "مكتبة قطر الوطنية" بالدوحة معرض "المخطوطات الجورجية العربية"، والذي يتواصل حتى الحادي والثلاثين من الشهر المقبل، بالتعاون مع سفارة جمهورية جورجيا في العاصمة القطرية.
تمثّل الفعالية امتداداً لمعرض سابق أقامته "مؤسسة الحي الثقافي- كتارا" في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2015، وضمّ نسخاً مكبّرة من مخطوطات نادرة ترجع إلى الفترة الممتدّة ما بين القرن العاشر الميلادي حتى أوائل القرن العشرين.
تتوزّع المخطوطات على حقول مختلفة، منها تفسير القرآن، والطب، والهندسة، والنحو، وصفحات من قواميس ومعاجم، والتاريخ، والأدب، بالإضافة إلى أجزاء من القرآن ترجع إلى القرن العاشر، وشروح دينية، ومخطوطاتٍ مزخرفة للإنجيل من القرون الوسطى، وأبحاث فقهية باللغة العربية، وأحكام قانونية أصدرها الملوك في جورجيا القديمة.
كما تتضمّن المخطوطات الجورجية كتابات تاريخية للقوقاز خلال القرنين التاسع عشر والقرن العشرين مكتوب باللغة العربية، التي كانت لغة المتعلمين في شمال المنطقة خلال تلك الفترة، وهي توثّق حياة الأمم القوقازية المحلية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وتسرد إحدى الوثائق حركة الإمام شامل (1797 - 1871) الذي قاد حركة مقاومة ضد ضمّ القوقاز للإمبراطورية الروسية استمرت قرابة عشرين عاماً.
من ضمن الوثائق النادرة كتاب "الطب" لابن سينا الذي كان منتشراً في أوروبا حتى القرن السادس عشر، بجانب كتاب "الشفاء" للعالم الجورجي زازا باناسكيرتيلي الذي عاش خلال القرن الخامس عشر الميلادي، وترتبط أعماله بالتراث الإغريقي الروماني في جورجيا.