- يُبرز البيشاوي كيف غيّر الصليبيون الطابع الديموغرافي والديني للقدس، بإحلال رجال دين لاتين وتهجير السكان الأصليين، وإنشاء مستوطنات دفاعية واقتصادية حول المدينة.
- الملف يضم دراسات أخرى تتناول تاريخ القدس وتأثيرات الاحتلال الصهيوني، مثل تغيير الروايات التاريخية وسياسات الإلحاق والدمج، ويسلط الضوء على الحركة العلمية والثقافية ودور المرأة في المجتمع المقدسي.
في دراسته "الاستيطان الإقصائي الفرنجي الصليبي في القدس وجوارها: مستوطنة بيتونيا نموذجاً" التي تضمّنها العدد الحادي والعشرون من مجلة "المقدسية" (شتاء 2024)، يعود الباحث سعيد عبد الله البيشاوي إلى المذبحة التي ارتكبها الفرنجة في القدس عام 1099 بحقّ سكّانها المسلمين، وقاموا بالاستيطان داخل المدينة، وأضفوا عليها الطابع الغربي.
ويبيّن أن الصليبيين قاموا بتوطين عناصر غريبة، كما بسطوا سيطرتهم على جميع الأماكن الدينية المسيحية، وطردوا المسيحيين الشرقيين العاملين في الكنائس والأديرة، ووضعوا مكانهم رجال دين لاتين، من الذين قدِموا مع الحملة الفرنجية الصليبية الأولى.
الدراسة التي نُشرت ضمن ملف احتوى خمس دراسات في تاريخ القدس تلفت إلى أن "سجلّ كنيسة القيامة في القدس"، الذي حققته جنفيف بوتيه برسك، ذكر أنه جرى تهجير سكان قرية كفر مالك إلى قرية بيت فوريك شرق نابلس، ثم قام الفرنجة الصليبيون بإحاطة المدينة المقدسة بحزام من المستوطنات اللاتينية التي لعبت دوراً مهماً من الناحية الدفاعية والاقتصادية، ومنها مستوطنة البيرة وعطارة بيرزيت وعين قينيا والرام وبيتونيا.
قام الفرنجة الصليبيون بإحاطة المدينة المقدسة بحزام من المستوطنات التي أنيطت بها أدوار دفاعية واقتصادية
وتوضّح أن رجال الدين اللاتين في كنيسة القيامة قاموا بتأسيس مستوطنة بيتونيا عام 1100، وأنشأوا فيها ما يتطلّب من وسائل المعيشة مثل المخبز والكنيسة والمركز الإداري ومعاصر الزيتون، وقسّموا أراضي القرية إلى "كاريوكات" وأصبح ملّاك الأرض يعملون في أراضيهم كمستأجرين لها، وهو ما فعله الفرنجة في القدس ومحيطها ضمن التغيرات الإدارية والدينية والديموغرافية التي استمرت خلال فترة حكمهم الممتدّة ثمانية وثمانين عاماً، في شكل من أشكال الاستيطان الإحلالي الذي انتهجه الصهاينة بعد زهاء تسعة قرون.
وضمّ الملف دراسة "قلعة القدس بين الثوابت التاريخية والرواية الصهيونية" لعبلة المهتدي التي تناولت كيف عمد الصهاينة بعد احتلال القدس إلى ربط قلعتها برواية أسطورية، و"دور معاهد العلم في مدينة القدس خلال العهد العثماني" لأحمد حسين الجبوري التي تضيء الحركة العلمية والثقافية في المدينة منذ القرن السادس عشر وحتى مطلع القرن الماضي، و"القدس من الفتح إلى التحرير مرورًا باحتلالها من قبل الفرنجة" لحسين الديك الذي يؤكد أن القدس تميزت بطابعها العربي منذ تأسيسها مع انفتاحها على جميع الثقافات، و"المرأة في مجتمع مدينة القدس في النصف الأول من القرن الثامن عشر" لزياد المدني الذي يقف عند حركة النساء المقدسيات في مجالات متعددة منها بيع وشراء العقارات السكنية والزراعية، وحضورهن البارز في المحكمة الشرعية.
إلى جانب دراسات أخرى مثل "القدس الشرقية بعد احتلال 1967: سياسات الإلحاق والدمج في الهامش بموازاة سياسات الإبادة والتفريغ" لوليد سالم، و"شرعنة/ قوننة إسرائيل لاستخدام الأشكال المتلازمة من القوة الخشنة والناعمة ضد الفلسطينيين المقدسيين"، وهي الجزء الثاني من دراسة كمال قبعة، والتي نشر الجزء الأول منها في العدد السابق من المجلة، و"باحثة لبنانية الأصل مقدسية الهوى.. بيان نويهض الحوت" لعزيز العصا، إلى جانب تقرير أعده سامر جابر عن "الطرق التي تقطع أوصال القدس".