أكثر ما يجعل الإصدارات التربوية في العالم العربي قليلة التأثير في الأوساط التعليمية، أنها تفصل ما بين النظري والتطبيقي، وهذا ما يجعل الكثير من المتخصصين يغرقون في فيض من النظريات التي لا تسعفهم، ما إن يباشرون بحياتهم العملية.
في هذا الإطار، وسعياً لجمع كلا المجالين، النظري والعملي، في مؤلَّفٍ واحد، صدر عن "ترشيد التربوية"، كتاب "الممارسات المهنية للمُدرِّسين: بين النظرية والتطبيق"، الذي وقّعه ثلاثة باحثين: رولا قبيسي، وعزيز رسمي، وأمهال يوسف.
يُعدّ الكتاب دليلاً نظريّاً للمُعلّم، مُشكِّلاً مساحة لعرض مفاهيم نظرية تطبيقية، تهدف إلى فتح أُفق إلى جانب مَفهمة التطوير المهني للمعلّم، ذهاباً لصقل مهاراته، ودفع عجلة التطوير في المدرسة، من جهةٍ، وتقديم أدوات مُعاصرة للمعلّم من متخصصين تربويّين، دعماً لهُ في خِضمّ تحدّياته اليومية من جهةٍ أُخرى.
وينطلق الكتاب، كما إصدارات "ترشيد" السابقة، من مساحة للحوار والتجريب مع المُمارِس التربويّ ومنهُ وإليهِ، حيث السعي في المقام الأول صوب فتح الفرصة للمُدرّس للتعرُّف إلى أحدث الاستراتيجيات، والأدوات التعليمية، وطرائق تطبيقها، وتفعيلها داخل الصف الدراسي. ويستهدف الكتاب أساساً المدرّس، مبتدئاً كان، أو صاحب تجربة، ويحرص على إتاحة الفرصة له لتطوير تدخّلاته التربوية، وممارساته التعليمية في الصف، وخارجه.
فرصة للمدرِّس للتفكير في دوره والتأمّل في ممارساته
كذلك يمثِّل أداة دعمٍ من أجل تحقيق النجاح التربوي، والدراسي للمتعلّم، بالإضافة إلى تحسين أداء المدرسة، ومردوديتها في إطار بيئةٍ آمنةٍ، ومتسامحةٍ، وشاملةٍ للجميع. ويدعم المعرفة النظرية والعمَلية لمختلف الفاعلين المتدخّلين في المدرسة لتحقيق هدفهم الأساس المتمثِّل بتحسين مستوى التّحصيل لدى المتعلّمين، وتحقيق رفاهيّتهم.
ويعرض الكتاب، في بعض فصوله، أطراً ومفاهيم نظرية تشكِّل نواةً لممارساتٍ عمليةٍ تطبيقية. ويعرض كذلك أمثلة وتجارب صفّية مستقاة من واقع التجربة والممارسة في حقل التعليم، وكذلك، من خلال العمل المباشر مع مدرّسين مختلفين، وجملة من المُشاهَدات الصفّية، وبعض المُقابلات مع مدرّسين. فالتجارب لا تُستنسخ، ولكن تُحلَّل بعينٍ ناقدةٍ، وتأملية، ليصبح تطبيقها أكثر فعالية.
المفاهيم والممارسات التربوية الرئيسة التي يعرضها الكتاب، إلى جانب الإجراءات العمَلية، هي أيضاً موارد أساسية للمدرِّبين في مؤسسات التطوير المهني الأساسي، وللمستشارين التربويين، ورؤساء المؤسسات التعليمية، من خلال تزويدهم بأدوات عملية لتسهيل تنفيذ عملهم التربوي، حيثُ لا وجود لطريقة واحدة فقط للتعليم الفعال، بل سعيٌ إلى تقديم فرصة للمدرِّس للتفكير في دوره، والتأمّل في ممارساته، بشكلٍ يتماشى واحتياجات صفِّه الدراسي بجميع مكوّناته.
يُشار إلى أنّ "إصدارات ترشيد التربويّة" برنامجٌ يهدف إلى نشر كتب متخصصة في الحقل التربوي العربي، وهو أحد برامج "ترشيد" التي أنشئت من قِبل "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، لتقديم الدعم الفني للمبادرات والمنظمات التي تُسهم في تنفيذ الخطة الوطنيّة لقطر لعام 2030، وذلك لزيادة فعاليّة الخدمات وضمان استدامتها، واستجابةً لمسيرة التطوّر والنموّ التي تمرّ بها دولة قطر بما يتماشى مع تحقيق رؤية 2030.
ويمثّل كتاب "الممارسات المهنيّة للمدرّسين: بين النظريّة والتطبيق" رابع إصدارات برنامج ترشيد للنشر التربويّ، بعد كتب: "عقليّة التساؤل"، و"حلول مبتكرة لمشكلات سلوك الطلّاب في المدرسة"، و"نحو معلّم فاعل في التعليم الوجاهيّ والإلكترونيّ".