استمع إلى الملخص
- المنزل الذي يضم ضريح بعلبكي وزوجته، تعرض للقصف خلال عدوان 2006، واكتسب رمزيته من نشاط أبناء الفنان الراحل في مجالات التشكيل والموسيقى والصحافة، مما جعله رمزاً للثقافة والفن.
- عبد الحميد بعلبكي، الذي وُلد في العديسة، كان يعتبر ثروته الوحيدة هي الكتب، وسعى لتحويل منزله إلى متحف يضم أعماله الفنية ومقتنياته الثقافية، وقد أقام معارض محلية ودولية واستُعيدت أعماله مراراً.
"هنا كان لنا بيت ترعرعنا فيه، بناه والداي بأحلامهما وبحُبٍّ كثير، هنا بقيَتْ كلّ ذكرياتنا وعطر من أحببنا، هنا دفنّا والدينا لكي يناما نوماً أبدياً هانئاً، لا، ليس بيتنا فدىً لأحد سوى هذا الوطن 'الحلم' ونعم، نعرف الفاعل ونعرف إجرامه". بهذه الكلمات الراثية علّق قائد الأوركسترا الوطنية اللبنانية، لبنان بعلبكي، على تسجيل يظهر فيه بيت والده التشكيلي والشاعر عبد الحميد بعلبكي (1940 - 2013) وقد دُمّر تماماً، جرّاء عملية تفخيخ الاحتلال الإسرائيلي لقرية العديسة الجنوبية ونسفها بالكامل.
البيت الواقع في القرية اللبنانية الحدودية مع شمال فلسطين المحتلّة، ويضمّ ضريح بعلبكي وزوجته أديبة رمّال، كان قد تعرّض للقصف أيضاً خلال عدوان عام 2006 الإسرائيلي على الجنوب، بعد أن عاد الفنان من بيروت إلى قريته المُحرَّرة عام 2000، وسعى لتحويله إلى ملتقى فني وثقافي جمَع فيه عشرات الأعمال الفنية ومجموعة من القطع النادرة وأكثر من 1500 كتاب، كما اكتسب المنزل رمزيته من نشاط أبناء الفنان الراحل الذين واصلوا مسيرته، في حقول التشكيل والموسيقى والصحافة.
وحازت جريمة التدمير تفاعُلاً من كتّاب وفنّانين وروّاد وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً بعد بكاء الإعلامي حسين أيوب في مقابلة تلفزيونية معه، وهو يرثي ذكرى منزل والد زوجته الإعلامية جمانة بعلبكي. وكان الموسيقي والمغنّي مارسيل خليفة من بين المتفاعلين، حيث كتب عبر حسابه على فيسبوك: "نُلقي نظرة دامعة، في هذا المكان سقط البيت - المتحف في أرض الشواهد... تشتبك خيوط الصُّوَر في عتمة النهار. أهلنا يَعْدُون في كلّ الجهات بعثَرتهم ريح الحقد على قارعة الطريق. أنينٌ يسكن أيامنا ويشرّدنا عن أرضنا أمام هذا الدمار الشامل".
أما مروان أيوبي، فكتب: "هنا العائلة التي أعطت للبيت هويتها فكان مساحة فرح وحوار وثقافة، هنا بيت المبدعين منذر وأُسامة ولبنان وسلمان وجمانة ولبنى وربى... لا عزاء للذكريات، لا قبر يحتويها، ندفنها في وجع القلب ونشيج الروح... لكننا سنبقى لأن رفات الوالدين يسيّجان بيتنا الافتراضي، وتبقى نسمات الريح الجنوبية تلفح أرض فلسطين".
وسبق لعبد الحميد بعلبكي أن كتب عام 2006 مقالاً في جريدة "السفير" يوضح فيه علاقته ببيته: "اعتبرتُ دائماً أن ثروتي الوحيدة في هذا العالم هي الكتاب، فكنت لا أتردد في بذل أي مبلغ من المال ثمناً لكتاب ذي قيمة. وكنت أعتزم أن أجعل بيتي في العديسة وهو بناء واسع شبيه إلى حدّ ما بالقصر متحفاً يجمع إلى هذه المكتبة، بكل ما تحويه من نفائس، أعمالي الفنية، ومجموعتي الخاصة من أعمال فنانين آخرين لبنانيين وعالميين، ومقتنياتي الثقافية بوجه العموم".
ولد عبد الحميد بعلبكي في بلدة العديسة بقضاء مرجعيون جنوبيّ لبنان، وفي عام 1971 انتسب إلى معهد الفنون الجميلة التابع لـ"الجامعة اللبنانية" ونال منحة لمتابعة الدراسات العليا في باريس. أقام عشرات المعارض المحلية والدولية، كذلك استُعيدت أعماله مراراً، من بينها معرضٌ تذكاري أُقيم في بيت الدين صيف العام الجاري. له في الشعر: "لكيلا لا يكون الصمت" (1999)، و"خواطر في العشق" (2001)، و"ورود لمثواها" (2003)، و"ماذا يقول الليل" (2005).