عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، صدر حديثاً العدد الخامس والأربعون (صيف 2023) من الدورية المحكّمة "تبيُّن" للدراسات الفلسفية والنظريات النقدية.
وتضمّن العدد ملفاً خاصاً عن مفهوم "الثقافة السياسية المعاصرة"، شمل دراسة "الثقافة السياسية: ملاحظات عامة" للمفكر العربي عزمي بشارة، التي تتطرق في بدايتها إلى "الثقافة المدنية"، مشددةً على أنها تنمو في ظل الديمقراطية، وعلى أن وظيفتها من المنظور البنائي - الوظيفي هي الحفاظ على استقرار النظام الديمقراطي. وتميز نسبياً بين الثقافة المدنية، بوصفها مجموعة مواقف وتوجهات سلوكية Attitudes، والإيمان بالقيم الديمقراطية الليبرالية، وتجادل بأنه لا صحة للادعاء أن النظام السياسي الديمقراطي ينشأ على أساس ثقافة سياسية ديمقراطية، إذ لا يتاح للثقافة الديمقراطية أن تنمو إلا في ظل الديمقراطية، وأن القول بوجود ثقافة ديمقراطية سابقة على نشوء نظام ديمقراطي مجرد فكرة متخيلة يدحضها التاريخ، من دون أن يقلل ذلك من أهمية توافق النخب على التزام الخيار الديمقراطي شرطاً أساسياً في أوقات الانتقال الديمقراطي.
"الثقافة سلاحاً: حروب الثقافة في الولايات المتحدة ومصر" عنوان دراسة الباحث عبد الوهاب الأفندي، التي تتناول الظاهرة التي تُعرف بـ "حروب الثقافة" في الولايات المتحدة، وهي تطور جذب الانتباه في التسعينيات من القرن الماضي، الذي بلغ ذروته في عصر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وتقارنه بتطورات مماثلة شهدتها مصر في الفترة التي سبقت انقلاب يوليو 2013، وما زال هذا التطور مستعراً حتى اليوم. وتطرح هذه الظواهر تحدياً كبيراً لنظريات "الثقافة السياسية" وفرضياتها حول تأثير الثقافات السائدة الكبير في السلوك السياسي.
أما دراسة "التوجهات الانفعالية والثقافة السياسية الديمقراطية" للباحث رجا بهلول، فتناقش جانباً من عناصر الثقافة السياسية متمثلة بالتوجهات الانفعالية، أي كل ما يتعلق بالمشاعر، والعواطف، والوجدانيات المختلفة التي نختبرها في حياتنا الثقافية السياسية التي نعتقد أنها لا تنفصل عن القيم والأحكام التقييمية.
وفي دراسته "الثقافة السياسية في زمن التنوع الثقافي: الأنماط الحضارية في مواجهة التطرفية المعيارية"، يستند الباحث يوسف زدّام إلى اعتبار مفاده أن الثقافة السياسية عبارة عن تمثل سياسي للثقافة بمفهومها الشامل، متسائلاً عن المنزلة التي تحظى بها في جهود إدارة التنوع الثقافي.
إضافة إلى دراسة "العلمانية واللاهوت: قراءات لاهوتية وفلسفية معاصرة لعلاقة التنوير والحداثة بالفكر الديني" لنجيب جورج عوض التي تعرض لنماذج لأصوات لاهوتية وفلسفية أنكلوسكسونية معاصرة، أطلقها باحثون يدْعون فيها إلى إعادة قراءة مشروع "التنوير" و"الحداثة"، والتشديد على أنه مشروع يعبّر عن حراك معرفي متجذر بعمق في أرضية مقاربات ومفاهيم دينية ولاهوتية، و"كبرياء المدينة وجرأة الفيلسوف" لمحمد الهادي العمري، التي تستهدف النظر في العلاقة النزاعية بين "الفيلسوف" و"مدينته" من زاوية نظر مخصوصة، تتعلق بتصادم هُويتين: هوية يحركها العقل وهاجسها البحث عن الحقيقة وسياستها، وهوية سلطة سياسية.
وفي باب "مراجعات الكتب"، نقرأ مراجعة كتاب مدرسة فرانكفورت: تاريخها وتطورها النظري وأهميتها السياسية لرولف فيغرسهاوس، أعدّها كمال طيرشي، ومراجعة كتاب نظرية الفعل التواصلي ليورغن هابرماس (المجلدان 1-2)، أعدّها محمد الأشهب.