حين دخلوا
ملثَّمين بروحِ ليلٍ قديمٍ
تبعثر ريش أحْلامِهِم
في الأركان.
الألمُ يشتعلُ، يأسُ جرارٍ
جرار مُعلّقة إلى سُقوفٍ
مثل روح باردٍة
هذه الغيمةُ أيضًا، وخَيالات
تصعد السَّماء خيالاتهم،
قلوبهم تذوبُ مثل فصوص ملحٍ
في محاجر الذهب.
ألمٌ هنا وألم هناك،
شعوبٌ أُبيدت
عند مدخل الكهفِ
وفي قلب العاصفة،
كأنَّها عيونهم تنزف
كأنَّها أرحامُهم أعشاشُ كوكَب قديمٍ
مَسكونة بأشباح،
آلام طفل
أشْجار تنتظر
فُرادى أو زُرافات
نجُومٌ تهذي في الأعالي، تهذي
قمم ثلج بين قرنين يسيلان
من سماء ترفو الرّيح ثقوبها...
اللّيلُ لا لون لهُ
سوى الألم، وقلُوبهم التِّي تذوب
تحت أشعّة الألم.
كَانوا يَتقدَّمُون،
مدجّجين بخرائط كواكب
تطَأ أقْدامُهم الأرض
كأنَّها قطن فوق جراح نسر،
ترتفع سمفونيات الشتاء
لعلها يد فلّاح يحصد رغبات زلزال،
لعلها قوافل تختفي سريعًا؛
مثل دموعِ الألم.
أنْهارٌ تَجري على الأرض
تَتقمَّصُ روح ليلٍ قديم
قبل أن ينفجر فجرٌ جديد،
مثل أحلامهم
حين تتدحرجُ من قمّة مسفوحةٍ
وتستعيدُ الصَّخرة تَوازنها
في مساحاتٍ ضيقة،
حيث يَفترشون أوراقهم
ونشِيدَ البجع المكلومِ،
ويغطّون في نومهم الملغوم بأحلام الضّوء
قد يسْتيقظُونَ مثل فجرٍ
طَائرهُم بَاسطٌ جَناحيهِ
للرِّيحِ التي تنْكأ جِراحَهم.
قد يهْبطُونَ
أَسفلَ الوادِي،
قبلَ أن تجِفَّ رؤوسُهُم
مثْل روح بَاردةٍ، مثْل ليل قديمٍ
قد يَصْعدونَ..
أو يختفون،
لكن دونَ أن يأخذوا معَهم
فَوانيسَ تُضيءُ غابات اللَّيل
خرائطَ تُوطِّن لغَتَهم،
حيثُ يقيمُون إلى الأبدِ
في أرحَام الضَّوءِ المُشِعِّ.
* شاعر من المغرب