ضمن سلسلة مقاهٍ سياسية مفتوحة بعنوان "كيف ننتصر لفلسطين؟"، تنظّمها "المفكّرة القانونية" في تونس، و"جمعية دار الأمومة" و"مخبر السياسات الديمقراطية الاجتماعية"، بغاية الإسهام في التفكير الجماعي والنقاش حول سُبل دعم الحقّ الفلسطيني ومجابهة منظومات الهيمنة، أُقيمت، مساء الخميس الماضي، جلسةٌ ثانية في "مقهى بيبليو تيه" بتونس العاصمة، شاركت فيها الناشطتان سمر التليلي وإيناس التليلي، وأدارتها أميمة الثابتي.
وركّزت المتدخّلتان على تقييم الحراك التضامني والتعبئة الشعبية في تونس مع فلسطين، والبحث في سُبل تدعيمه وتوسيعه، بمختلف أشكاله؛ من المسيرات إلى دعوات المقاطعة، مروراً بالنضال الثقافي والتبرّعات والحراك المطالب بتجريم التطبيع.
أشارت سمر التليلي، في البداية، إلى أنّ "هناك فوارق بين الحياة على وسائل التواصل الاجتماعي، التي تعجّ بالأخبار عن غزّة، حيث ترى أنّ التونسيّين حريصون على متابعة أدقّ التفاصيل، ولكن في مقابل هذا الاهتمام الكبير، لم تعُد هناك ترجمة قوية على الأرض لهذه التطلّعات والتضامنات، على خلاف بدايات العدوان، في حين ما زالت المدن الأوروبية تعجّ بالحراكات والتنظيمات الداعمة للقضية الفلسطينية، معتبرةً أنّ "التحرّكات في البلاد العربية تبقى هي الفيصل، والأكثر تأثيراً وإضراراً بمصالح العدوّ الصهيوني، من دون إغفال أهمّية التضامن الأُممي طبعاً".
التحرّكات في الشارع العربي هي الأكثر إضراراً بمصالح العدوّ
كما تطرّقت المتحدّثة إلى واقع المقاطعة في تونس بعد العدوان الإبادي، مشيرةً إلى "توسُّع دوائر المنتظمين فيها، وازدياد الوعي الشعبي بتفاصيلها وخطورة التطبيع مع شركات داعمة لجيش الاحتلال ومساهمة في الإبادة، كما أثبتت الحملة قدرتها على التنظيم بين بلدان المغرب العربي، خصوصاً تونس والجزائر والمغرب، التي تشهد حملات ونشاطات خلال 'أسبوع مقاومة الاستعمار والأبارتهايد' الذي دعت إليه 'حملة مقاطعة إسرائيل' حول العالم".
بدورها، لفتت إيناس التليلي إلى "ما يعانيه الموقف الرسمي العربي من تردُّد. ومن هنا فإنّ نجاعة أي تجمُّع شعبي داعم للقضية، ينبع من قدرته على إحداث أثر جديد"، وأرجعت إشكالية قدرة الشارع على الحشد إلى "أزمة علاقة المواطنين بالفضاء العام"؛ حيث تمثّل انعكاساً لمأزق الحياة السياسية في البلاد، وما تُعانيه من رفع سقف الطموحات على مختلف الأصعدة، ومن قبل القوى السياسية، ولكن من دون قدرة على التنفيذ".
وتساءلت المتحدّثة عن "مدى حضور القضية الفلسطينية في الثقافة العامّة للشعب التونسي، أو حتى في المتن التعليمي المدرسي"، وإلى هذه المجالات تعود أغلب الأعطاب، كما أوضحت، وبالتالي "علينا أن نقف أمام أنفسنا بصراحة، حتى نتمكّن من الخروج من هذه الوضعيّة".
وقد تلا المُداخلتَين نقاش مفتوح شارك فيه الجمهور الذي طرح أسئلة عديدة حول آليات التصعيد الشعبي الداعم للقضية الفلسطينية في الشارع التونسي خلال الفترة المقبلة، وتجاوُز حالة الركود أو الاعتياد اليومي، في حين ما تزال الإبادة مستمرّة.