يرتبط اسمُ الملكة تين هينان، التي حكمت الطوارق في منطقة أبالسة بالصحراء الجزائرية خلال القرن الرابع الميلادي، بالكثير مِن الأساطير التي لا تزالُ تروى في المنطقة، لكنَّ المؤكَّد تاريخياً أنّها تولّت الحُكم بفضل حكمتها في مجتمَعٍ تحظى المرأة فيه إلى اليوم بمكانةٍ مرموقة، وأنّها دافعت عن شعبها ضدّ الغزاة مِن القبائل المجاورة.
اكتُشفت بقايا هيكل تين هينان العظمي عام 1925، خلال أعمال تنقيب أجرتها بعثة فرنسيةٍ أميركية في أبالسة التي تقع بولاية تمنراست جنوب الجزائر، والتي عثرت أيضاً على مجوهراتها الذهبية والفضية وردائها الجلدي، إلى جانب مجموعةٍ من الأواني الخاصّة بالطقوس الجنائزية.
وقد نقلت البعثةُ الهيكلَ العظمي إلى "متحف باردو" في الجزائر العاصمة؛ حيثُ لا يزالُ محفوظاً هناك داخل صندوق زجاجي، بينما نُقلت المجوهراتُ إلى الولايات المتّحدة الأميركية، قبل أن تُعاد إلى الجزائر بعد خمس سنوات.
وفي المتحف الذي يحمل اليوم اسم "المتحف الوطني العمومي باردو"، افتُتح يوم الأحد الماضي معرضٌ فنّي حول تين هينان، يضمُّ عدداً مِن القطع الفنّية والأثرية، ويُقدِّم إضاءة حول منطقة أبالسة ومجتمع الطوارق، كما يُضيء على تاريخ تلك الحفريات.
يتضمَّن المعرض لباساً جلدياً يعود إلى القرن التاسع عشر، وحلياً مصنوعةً من الذهب والفضّة والبرونز، تعود إلى القرنَين الرابع والخامس الميلادي، إلى جانب سيفٍ وسوط وعقال جمل.
وتُعرض، أيضاً، مجموعة من الصور التوضيحية التي تُقدّم صورةً مقرَّبة عن موقع أبالسة وهندسته وبيئته. كما يُتيح المعرض للزائرين استكشاف قرابة مائة قطعة مِن الحلي المصنوعة مِن الفضّة، والتي يعود تاريخها إلى ما بين نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وقد أهداها للمتحف جامعُ تُحف فرنسي.
وإلى جانب ذلك، يُعرضٌ عددٌ من اللوحات التشكيلية التي تناولت تراث الطوارق، وعددٌ آخر مِن الكتب والدراسات التي أُنجزت حول المنطقة وتاريخها.
أمّا الغائب الأبرز عن المعرض، فهو هيكل الملكة تين هينان نفسُه، والذي كان المتحف قد وعدَ بعرضه قبل نهاية السنة الماضية. السببُ، بحسب تصريحٍ لمدير "باردو"، زهير حريشان، والسبب وراء ذلك هو "افتقار المتحف لتقنيات عرض حديثة".