عادت "جائزة فرناندو دالميدا العالمية للشعر" في دورتها الثالثة، والتي يمنحها "المهرجان الدولي للشعر" المُقام حالياً في مدينة الأنهار الثلاثة بمقاطعة كيبك الكندية، إلى الشاعر المغربي نبيل منصر، عن مجموعته "أغنية طائر التم" (Chanson du sygne).
صدرت المجموعة عن "منشورات مرسم" في الرباط عام 2016، وحازت "جائزة المغرب للكِتاب" في فرع الشعر عام 2017، قبل أن تَصدر في 2019، عن الدار نفسها، في نسخة مزدوَجة اللغة (عربية وفرنسية)، بترجمة أنجزها كمال التومي.
وبذلك، يكون منصر ثالث شاعر يفوز بالجائزة التي أطلقها المهرجان في 2017 تكريماً لرُوح الشاعر والناقد الكاميروني من أصول بنينية وبرازيلية، فيرناندو دالميدا (1955 - 2015)، ويمنحها، كلَّ سنتَين، لشاعر من أفريقيا ومُقيم فيها ويُظهر التزاماً تجاه التجارب الشعرية في القارّة، ونشر ثلاث مجموعات شعرية على الأقلّ.
وكانت الجائزة قد عادت في دورتها الأُولى عام 2018 إلى الشاعر السنغالي أمادو لامين، وإلى الشاعر الكاميروني جان كلود أونو في دورتها الثانية عام 2020.
أُطلقت الجائزة عام 2017 تكريماً لرُوح الشاعر الكاميروني فرناندو دالميدا
وقال منصر، في حديث إلى "العربي الجديد": "سعدتُ بهذه الجائزة الكبيرة، وارتبكتُ قليلاً من المفاجأة السارّة. ولكن سرعان ما استعدتُ هدوئي، مقتنعاً أنّ مغامرة الكتابة الشعرية الحقيقية هي ضرب من السير في طرقات المجهول. وإذ تأتينا إشارات مُحبّة ومُشجّعة من هذا القبيل، فهي تُهدّئ من روعنا وتُحفّزنا على المُضيّ أكثر في هذا الدرب الوعر"، مُضيفاً: "الشعر الآن، في نماذجه الجديدة، بالمغرب والعالم العربي، يُبدع قصيدة كونية، تفتح آفاقاً للحداثة الشعرية".
يُذكَر أنّ نبيل منصر من مواليد مدينة الدار البيضاء عام 1965، وهو حاصل على دكتوراه في الأدب العربي الحديث من "جامعة محمّد الخامس" في الرباط عام 2004. صدرت له ثماني مجموعات شعرية؛ هي: "غمغمات قاطفي الموت" (1997)، و"أعمال المجهول" (2007)، و"مدينة نائمة" (2009)، و"كتاب الأعمى" (2011)، و"غسق الغراب شفق اليمامة" (2014)، و"أغنية طائر التم" (2017)، و"المتحف الكوني" (2018)، و"من الأزل إلى الأبد" (2023). وله في النقد: "الخطاب الموازي للقصيدة العربية المعاصرة" (2007)، و"شعرية البجعة" (2011).
وإلى جانب نبيل منصر، أعلن القائمون على المهرجان أسماء الشعراء الفائزين في جوائزه الأُخرى؛ وهي: "الجائزة الكبرى" التي عادت إلى الكندي بول بيلانجر، و"جائزة جايمي سابين/ غاتيان لابوانت" التي عادت إلى المكسيكية سيلفيا يوجينيا كاستيليرو، و"جائزة فيليكس لوكلير" التي عادت إلى الكندية أندريل جوسين، و"جائزة فيليكس – أنطوان – سافارد" التي فازت بها الكندية ماري خوسيه أيوت.
وكانت الدورة التاسعة والثلاثون من مهرجان "الأنهار الثلاثة الدولي للشعر"، الذي تأسّس في 1985، قد انطلقت في التاسع والعشرين من أيلول/ سبتمبر الماضي، وتستمرُّ حتى مساء اليوم، بحضور نحو مئة شاعر من ثلاثين بلداً، يُشاركون في قرابة ثلاثمئة فعالية؛ بين ندوات وورشات وأمسيات شعرية وموسيقية.
هنا قصيدتان من مجموعة " أغنية طائر التم"
اغفري أيتها البومة
اغفري أيتها البومة
المخترقة شرشف العتمة
جلستي الهانئة
بين نباتات العتبة المعرشة في الفراغ
مثل عناكب بأذرع طويلة
أنت مرقت من فوقي
بسمت من تحمل كلمة الغيب
لتجدي هذا الطائر المتكوّم
في ريشه الهائل
يرتجف
من الجمال والوحدة.
اغفري لي ما تبقى من عبورك الليلي
"قبضة من الوهج الأسود،
وميض من زمردة الظلال"
اغفري نظرة تصيد في مياه أرض بعيدة،
وتُعيد كل ليلة
زواج الشفاه بالنبيذ
أيتها البومة!
■ ■ ■
بين الأعشاب نمت مجاديف
بين الأعشاب نمت مجاديف
وكلّمت الأمواج عن سر الصخرة
ومن حملها بين كتفيه
إلى شاطئنا
المجاديف الثرثارة تُحدّث
أطيافاً مستلقية على الرمل
بينما النجمة السمكة
تومض خلف عينَي البحّار المستيقظتين
مُحرّكةً بخيطها الواهي
ظلالاً نائمة.