تستند الفنانة القطرية جواهر المناعي إلى جهد بحثي في تقديم أعمالها، حيث رصدت في معرضها "أثر" الذي افتتح في "كتارا" نهاية تموز/ يوليو الماضي الحفريات الأركيولوجية التي دلّت على تبادلات تجارية نشأت بين سكّان الخليج العربي ومناطق عديدة من آسيا وأوروبا وأفريقيا، في محاولة منها لتقديم نمط العيش الذي اتبعه الإنسان القديم في المنطقة، وكيف صوّر ذلك في النقوش وأوصله لنا لنتعرّف عليه.
حتى الثالث والعشرين من الشهر المقبل، يتواصل في "غاليري 4" في "مطافئ: مقرّ الفنانين" بالدوحة معرضها الجديد "أنشودة الصحراء" والذي افتتح في التاسع من الشهر الجاري، ويتضمن أكثر من عشرين عملاً فنياً تستعيد من خلالها عناصر ورموزاً من التراث القطري.
يعدّ المعرض امتداداً لمعرض "سعف" الذي أقامته في "المدينة الدولية للفنون" بباريس، خلال فترة برنامج الإقامة الفنية الذي تنظّمه "متاحف قطر" من أيلول/ سبتمبر حتى كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي، حيث قدمت فيه ستّة أعمال.
في المعرض الحالي، تقدّم المناعي "التحية لأشجار النخيل ورمزيتها"، كما يوضّح بيان المنظّمين الذي يشير إلى معنى الشجرة وحضورها في المتخيّل الشعبي، حيث "النظر إليها هو اطمئنان، والجلوس تحتها هو أمان، والمساحات الخضراء تمثل النقاء والصفاء. وقد شبه التراث الشعبي والشعراء العرب النخيل بالمرأة المعطاء، رمز الحياة والوفاء، مع حوافها المنتشرة الشبيهة بالشعر المتغذي".
وأوضحت الفنانة أن أعمالها المقدمة عبارة عن مجموعة تركيبية، استخدمت فيها صناديق شفافة تحتوي على تشكيلة من السعف المصبوغ بألوان زاهية لتخرج بهذا العمل من الجمود في ألوانه الطبيعية الباهتة، ووزعت هذه الصناديق على سطح "الكانفاس" الذي يفترش قاعدة على الأرض وفيه طبعات من الحبر كرمز لكلمات من الشعر العربي، وقد تشكلت هذه البقع الحبرية على هيئة سعف نخيل، مكوناً رمزاً لأنشودة من الصحراء.
في أربعة أعمال تحمل اسم "قماري"، وهو اسم جمال النخيل تحت ضوء القمر الذي تغنّى به الشعراء العرب، يميزّها إطارها الدائري كالقمر، واعتمدت في تنفيذها على عناصر متعددة أهمها السعف، وانعكس ضوء القمر عبر اختيار ألوان صريحة رسمتها على أحد جوانب السعف فيما تُرك الجانب الآخر بلونه الطبيعي، ووضع العمل في إطار أسود دائري يرمز إلى الليل والقمر.