إجماعٌ على واجب المقاوَمة الثقافية. هذا ما ذهبت إليه أفكار كتّاب ومثقّفين عرب من مختلف الأجيال والمشارب ممّن استطلعت "العربي الجديد" آراءهم حول ما يُمكن للثقافة العربية أن تُقدّمه وما هي أدواتها لخدمة قضاياها، وفي طليعتها قضية تحرير الأرض والإنسان التي تدور رحاها الآن في فلسطين مُعمَّدة بدم أبنائها.
ما الذي علينا أن نفعله؟ سألت نفسي كثيراً، وأنا أتجرّع الألم أمام الصور التي تصلنا من غزة.
هذه الحرب هي حربي كإنسان عراقي، وتعنيني أكثر من أيّ أحد غيري، عدوّنا واحد، لقد قصفت الطائرات الأميركية العراق بقذائف النابالم، وبوزن يُعادل خمسة أضعاف وزن قنبلة نووية في التسعينيات، ثم عادت لتقصف ملجأ العامرية بصواريخ أرض أرض، وتترك 400 عراقي من النساء والأطفال يُسلقون بحرارة ماء الطوارئ التي وصلت إلى مرحلة الغليان، بفعل الصواريخ الحاقدة.
ولم تتوقّف عند ذلك، لقد استهدفت البنية التحتية العراقية، دمّرت الجسور والمستشفيات والمدارس، هذا ما يفعله العدو الآن في غزة، الحرب نفسها وبالوحشية نفسها تتحرّك تلك الطائرات لتستهدف روح الإنسان قبل جسده، لذا أنا لست متعاطفاً مع القضية الفلسطينية فحسب، بل أعدُّها قضيتي، هذه الأرض أرضي وأرض أهلي.
لذا فكّرت بأن دوري يتحدّد برواية الحكاية الفلسطينية على الناس، تذكير من نسي حقّ فلسطين بالأرض، وتنبيه الجيل الجديد بما يجدر عليهم فعله. كلّ يوم في عملي بـ المكتبة أشتبك مع القرّاء حول القضية الفلسطينية، أُذكّرهم بحقّ إخوتنا هناك بالحرية على أرضهم، ونتداول الأخبار المبشّرة لحظة بلحظة.
لقد منحَنا الفلسطينيون الأمل بأن نحلم بالخلاص من هذا العدو الإجرامي. أنا أشدّ المتفائلين بمكاسب هذه الحرب، وقلبي وروحي مع إخوتي هناك. هذه معركة طويلة، تتطلّب صبراً وتضحيات، وبالفعل فإن "تحرير فلسطين كلّها قد بدأ".
* كاتب قصة ورواية من العراق
هذه المادّة جزءٌ من ملفّ تنشره "العربي الجديد" بعنوان: "الثقافة العربية واختبار فلسطين... ما العمل؟".
لقراءة الجزء الثالث من الملفّ: اضغط هنا