عن 86 عاماً، رحل اليوم الخميس، في القاهرة، المفكّر المصري حسن حنفي؛ أحد أبرز أساتذة الفلسفة في مصر، تاركاً العشرات من الكتب في التراث والفكر السياسي والحضارتَين العربية والغربية.
وُلد حنفي في القاهرة عام 1935، وحصل على ليسانس في الآداب من قسم الفلسفة من جامعتها عام 1956، قبل أن يُسافر إلى فرنسا على نفقته الخاصّة في العام نفسه لإكمال دراساته العليا؛ حيث حصل على الماجستير ثم الدكتوراه من "جامعة السوربون" عام 1966، ليبدأ مسيرةً من التدريس في جامعات عديدة في تونس والجزائر والمغرب واليابان وألمانيا والولايات المتّحدة.
ودرّس الراحل، أيضاً، في "جامعة محمد بن عبد الله" بمدينة فاس المغربية بين 1982 و1984، وفي جامعة طوكيو باليابان بين 1984 و1987، كما عمل مستشاراً لبرامج البحث العلمي لجامعة الأمم المتحدة في طوكيو.
وعاد حنفي إلى القاهرة عام 1987، ليُشرف مع آخرين على إعادة تأسيس "الجمعية الفلسفية المصرية" عام 1989، والتي شغل منصب سكرتيرها العام منذ ذلك التاريخ.
وكما أبرز هو نفسُه في بعض كتاباته ولقاءاته الصحافية؛ فقد مرّ مساره الفكري بمراحل عدّة؛ بدءاً من التأثُّر بفكر جماعة "الإخوان المسلمين" التي انتمى إليها في مرحلتي الثانوية والجامعة، مروراً بالحوار مع أساتذته في "السوربون"، ووصولاً إلى تصوّراته النهائية بشأن مشروعه الفكري.
أصدر المفكّر المصري الراحل كتاب سيرة تناول فيه مذكّراته بين سنتَي 1935 و2018
ويتكوّن مشروع حنفي الفكري، الذي حمل عنوان "التراث والتجديد" - وهو عنوان كتابه الأوّل الصادر عام 1980- من ثلاثة مباحث أساسية؛ هي: إعادة بناء التراث القديم، والموقف من التراث الغربي، والموقف من الواقع (نظرية التفسير).
ضمن المبحث الأوّل، صدر له: "من العقيدة إلى الثورة" (1988) في خمسة أجزاء، و"من النقل إلى الإبداع" في تسعة أجزاء (200 - 2002)، و"من النص إلى الواقع" في جزأين (2003 - 2004)، و"من الفناء إلى البقاء" (2008)، و"من النقل إلى العقل" في ثلاثة أجزاء" (2009 - 2010).
وصدر له ضمن المبحث الثاني: "ظاهريات التأويل: محاولة لتفسير وجودي للعهد الجديد" وهو موضوع رسالته للدكتوراه عام 1965، وقد ترجمه إلى العربية وصدر عام 2006، و"تأويل الظاهريات: الحالة الراهنة للمنهج الظاهرياتي وتطبيقه في الظاهرة الدينية"، وهو موضوع رسالته الثانية عام 1966، وقد صدر عام 2006 بترجمته أيضاً، إضافةً إلى: "مقدّمة في علم الاستغراب" (1991)، و"فيشتة فيلسوف المقاومة" (2003)، و"برغسون فيلسوف الحياة" 2008).
ومن كتبه ضمن المبحث الثالث: "من مانهاتن إلى بغداد" (2004)، و"جذور التسلُّط وآفاق الحرية" (2005)، و"وطن بلا صاحب" (2008)، و"نظرية الدوائر الثلاث، مصر والعرب والعالم" (2008)، و"الواقع العربي الراهن" (2011)، و"الثورة المصرية في عامها الأول" (2011).
كما أصدر الراحل العشرات من الكتب الأُخرى في فكر النهضة، والنقد والتحقيق، والترجمة، إضافةً إلى كُتب ألّفها باللغتين الفرنسية والإنكليزية. وفي 2018، صدر له كتاب سيري بعنوان "ذكرياتي (1935 - 2018)".
وحاز حسن حنفي عدداً كبيراً من الجوائز والتكريمات؛ من بينها "جائزة الدولة التقديرية" عام 2009، و"جائزة النيل في فرع العلوم الاجتماعية" عام 2015، و"جائزة المفكّر الحرّ" في بولندا.
ونعت جامعة القاهرة المفكّر الراحل، قائلة "إنه كان يقتطع جزءاً كبيراً من وقته وراحته، وهو خارج مصر، لكي يحضر شخصياً المراجع التي تطلبها منه الجامعة"، بينما قال رئيس الجامعة، محمد عثمان الخشت: "لم يكن الراحل يحمل أي شيء في نفسه منّي، عندما كنت أختلف معه في الرأي اختلافاً كبيراً وأنا لا أزال معيداً في الجامعة، وهو كان رئيساً للقسم في ثمانينيات القرن الماضي. وكان يمدّني بالمراجع الأجنبية من مكتبته العامرة وأنا في مرحلة الطلب العلمي".