في مثل هذا الشهر من عام 2016، رحل الفنان الليبي حسن دهيميش في منفاه بلندن، بعد أن ترك رسوماً كاريكاتيرية تضمّنت انتقادات لاذعة لسياسات النظام الليبي السابق، وتصويراً لمشاكل اجتماعية واقتصادية عاشتها بلاده منذ السبعينيات، إلى جانب تجاربه في فن الشارع والرسوم على الجدران.
يُفتتح مساء الثلاثاء، السابع عشر من الشهر الجاري، معرض استعادي لأعماله ويتواصل حتى الثلاثين منه في "فضاء هوكستون" بالعاصمة البريطانية تحت عنوان "مقاومة، تمرد، ثورة: حسن 'الساطور' دهيميش - فنان ليبي في المنفى".
يضمّ المعرض أكثر من خمسة آلاف رسم من أرشيف الرسام المولود عام 1955، تعبّر عن مفردات استحضرها من طفولته المبكرة في حيّ السبّالة في مدينة بنغازي حيث مناظر البحر والسفن، وكذلك توظيفه رموزاً أفريقية، خاصة تلك المرتبطة بموسيقى الجاز والبلوز وأجواء تغلب عليها البهجة التي تخفي وراءها سنوات من الألم والغربة وقسوة الواقع.
غادر دهيميش ليبيا متجهاً إلى لندن عام 1975، واشتغل هناك في مهن عديدة ليؤمن لقمة العيش، حتى بدأ نشر كاريكاتيراته في صحف ومجلات المعارضة الليبية كـ"الجهاد" و"صوت ليبيا"، و"شهداء ليبيا" التي كانت تصدر حينها في الولايات المتحدة، موقّعاً إياها بـ"الساطور"؛ اللقب الذي عرفه به جمهوره، لكنه لم ينضم إلى أي تنظيم سياسي وقرّر أن يبقى فناناً مستقلاً لا يعبّر عن أيديولوجية أو حزب بعينه.
درس الفنون الجميلة في "كلية نيلسون آند كولن" وعمل فيها عدّة سنوات، وبدأت محاولاته في التجريد مبتعداً عن الكاريكاتير لعدة أعوام، إلى أن عُرض عليه أن يعمل في الكلية التي تخرّج منها، ليمضي في تدريس التصوير والغرافيك حوالي أربع عشرة سنة، وأقام في تلك الفترة عدّة معارض فردية كما بدأ تجربته في فن الشوارع والرسوم على الجدران، والتي أفادته لاحقاً في تطوير رسوماته الكاريكاتورية.
في مقابلة صحافية سابقة، قال الساطور "تعلمت الرسم على أرضيّة المنزل أو الزليز (البلاط)، فقد كان والدي يجيد رسم طائر الحمام وبِدِقَّةٍ، كان يرسم بالطباشير حمامة على كل زليزة (بلاطة) فِي فناء المنزل، فيخلق مشهداً رائعاً وغاية في الإبداع بالنسبة ليّ، وما زلت أتذكر وبوضوح أرضيّة البيت المليئة برسوم الحمام..".
على هامش المعرض، يوزّع كتاب جديد بعنوان "حسن دهيميش.. فنان ليبي في المنفى" من إعداد ابنه شريف، يشتمل على أعمال كاريكاتير ورسومات على القماش والورق وأخرى تنتمي إلى الفن الرقمي نفّذها خلال السنوات الأخيرة من حياته.