خوان رولفو: عودةٌ إلى سيرة شبه مجهولة

20 اغسطس 2022
تمثال لـ خوان رولفو في مدينة كوليما، بالمكسيك (تصوير: غوستاف ريفيرا)
+ الخط -

قد يكون خوان رولفو الأكثر غموضاً بين قائمة الكتّاب اللاتينيين الذين استطاعوا تحقيق مقروئيّة واسعة خارج قارّتهم. وبعكس العديد من كتّاب بلده، الذين حظوا بشهرة واسعة وتركوا قائمة طويلة من الأعمال، مثل أوكتافيو باث وكارلوس فوينتس، ظلّ اسمُ الكاتب المكسيكي (1917 ــ 1986) مرتبطاً بالقلِّة.

قِلّةٌ في ما يخصّ اطّلاع الجمهور الواسع على تفاصيل تجربته، وقِلّة في أعماله، وهو الذي اكتفى بنشر كتابَيْن قصيرَيْن فصل بينهما عامان ــ هما "السهلُ يحترق" (1953) و"بيدرو بارامو" ــ قبل أن يخرج من الأضواء، بينما كان كتاباه هذان يتركان أثرهما لدى الجيل اللاحق من مؤلِّفي وكتّاب بلده؛ قبل أن يعود، عام 1980، لينشر كتاباً ثالثاً بعنوان "ديك من ذهب".

عن "منشورات جامعة رين" في فرنسا يصدر هذه الأيام كتابٌ جماعي، بالفرنسية والإسبانية، بعنوان "مئوية خوان رولفو"، يتوقّف فيه أكثر من 15 باحثاً، من المختصّين في أعماله، لدى تجربته الأدبية وأثره الكبير في السرد بأميركا الجنوبية. وتمثّل الأبحاث المنشورة في هذا الكتاب تطويراً لمداخلات قدّمها أصحابها خلال مؤتمر عُقد في "جامعة تولوز ــ جان جورس" الفرنسية نهاية عام 2016، بالتزامن مع حلول قرن على ولادة الكاتب. 

غلاف

يتوزّع الكتاب على ستّة أقسام، خُصّص أوّلها لتقديم قراءات في نصوصه السردية، وتحليلٍ لشخصياته، حيث يقترح رافائيل استيف، على سبيل المثال، ثلاث قراءات مختلفة في "بيدرو بارامو"، فيما يتناول فابريس باريزو صور النساء في قصص الكاتب المكسيكي، ومثله تفعل تيريز كورو وماري أنيس باليزي في ورقةٍ تحلّلان فيها حضور الذكورية والنسوية في أعماله.

ويبدو الجزآن الثاني والثالث من الكتاب أقلّ "كلاسيكية" في عمل استعاديّ كهذا، حيث تتناول أبحاثهما مسألة "إعادة الكتابة" التي عرفتها أعمال رولفو لدى عدد من كتّاب الأجيال اللاحقة في الأدب الأميركي الجنوبي، والذين تأثّروا بشخصياته، ولا سيّما شخصية سوزانا سان خوان، الواردة في "بيدرو بارامو"، والتي يدور الفصل الثالث حولها.

أمّا فصول الكتاب الأُخرى، فتنشغل في البحث ضمن مساحات قلّما عرفناها من تجربة الكاتب الراحل، مثل عمله الصحافي والإذاعي، وصوره الفوتوغرافية (نُشر العديد من الكتب التي تضمّ صوراً فنّية التقطها)، إضافة إلى استعادات أعماله في السينما، ومشاركته، هو نفسه، في كتابة سيناريوهات عدد من الأفلام بين ستينيات وثمانينيات القرن الماضي.