رغم أن الروابط التي تجمع بين سينما ألفرد هيتشكوك (1899 ــ 1980) ونظيره فرنسوا تروفّو (1932 ــ 1984) قد لا تبدو ظاهرةً للعيان، خصوصاً وأننا أمام مقترحين مختلفين حول طبيعة الفيلم (بين أشرطة هيتشكوك التي تنحو إلى الإثارة والتقلّبات في الحبكة، والتفات تروفّو إلى البناء المتسلسل والهادئ، شبه الروائي، لأعماله)، إلّا أن المخرج الفرنسي لم يفرّط بفرصة ليذكر تأثّره بـ"المعلّم" البريطاني، الذي قال في أكثر من مرّة إنه كان من مصادر إلهامه الأساسية، ولا سيما في تعامله مع الشخصيات النسائية وطريقة إدارته للممثّلين.
وقد كرّس تروفّو هذا الإعجاب عندما قام بلقاءاتٍ مطوّلة (خلال أكثر من أسبوع) مع هيتشكوك، مطلع الستّينيات، نشرها في كتاب عام 1966، ليصبح هذا العمل من أبرز الوثائق التي تحدّث فيها صاحب "الطيور" عن تجربته وطريقة اشتغاله في صناعة الأفلام.
عبر برنامجٍ سينمائي يمتدّ بين الرابع والخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير المقبل، شاءت "دارة الفنون" في عمّان جمع المخرجين البارزين مجدّداً، وذلك ضمن حلقة جديدة من مشروعها "سينماتيك المختبر"، والذي كان قد افتُتح في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي عبر برمجةٍ وجّهت تحيّة إلى المخرج السويسري الفرنسي الراحل في أيلول/ سبتمبر الماضي جان لوك غودار.
وبما أنّ هدف "سينماتيك المختبر" يتمثّل في "تشكيل نقطة التقاء للباحثين السينمائيين والمتخصّصين في الكتابة والنقد السينمائي"، فقد اختارت "الدارة" هذين المخرجين، لبرنامجها في الشهر المقبل، بوصفهما "اثنين من أكثر الكلاسيكيات العالمية شهرة في تاريخ السينما".
تُقام العروض والنقاشات عند السادسة والنصف من مساء كلّ أربعاء من الشهر المقبل، حيث تبدأ في الرابع منه بعرض للوثائقي "هيتشكوك/تروفّو" لـ كين جونز، في حين يُقَدّم شريط "فيرتيغو" (1958) لهيتشكوك يوم الأربعاء الذي يليه، وبعد ذلك "جول وجيم" (1962) لتروفّو في الثامن عشر من الشهر، في حين تُختتم البرمجة بعرض جانبي، يوم الخامس والعشرين، للوثائقي "داوسون سيتي: الزمن المتجمّد" (2016) للمخرج بيل موريسون، الذي يحتفي بفترة السينما الصامتة، هذا النوع من الفن السابع الذي برع فيه هيتشكوك في بداياته.