ضمن ثيمة "الأرشيف والمقتنيات الفنية"، افتتح في "مؤسسة خالد شومان/ دارة الفنون" في عمّان معرضان في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، ويتواصلان حتى الحادي والثلاثين من كانون الأول/ ديسمبر 2023؛ الأول بعنوان "طبوغرافية المكان - فلسطين والأردن"، ويضمّ أعمالاً فنية وخرائط وأطالس من مجموعة الباحث والسياسي الأردني الفلسطيني هشام الخطيب (1937 - 2022).
أمّا المعرض الثاني، فيحمل عنوان "المبنى الرئيسي لدارة الفنون: تاريخ وقصص وترميم"، وهو يوثّق سيرة المعلم التاريخي الذي يحتضن الدارة، والذي يقع في حيّ اللويبدة بوسط العاصمة الأردنية، ويضيء مراحل ترميمه والحفاظ عليه من خلال صور للمعماري الأردني عمّار خمّاش لم تُعرض من قبل.
يعود المعرض إلى عام 2018، حين قام نمر الحمود (1880 - 1946)، والذي يُعدّ واحداً من أبرز الشخصيات السياسية في تاريخ الأردن الحديث، ببناء طابقين إلى جانب كنيسة بيزنطية كانت في مرحلة أقدم معبداً رومانياً، جرى اكتشافها في ثمانينيات القرن التاسع عشر.
عاش في ذلك المنزل لاحقاً القائد البريطاني إف جي بيك، بحسب بيان المنظّمين الذي يشير إلى تحوّل المبنى لاحقاً إلى نادٍ للضباط البريطانيين في زمن كلوب باشا، قائد الجيش الأردني حتى تعريب قيادته عام 1956، ثم تأجير المبنى عام 1939 للحكومة الأردنية لفترة وجيزة، حيث أصبح مكتباً لرئيس الوزراء.
يبيّن المعرض بأن المبنى تحوّل إلى مدرسة خاصة حملت اسم "المدرسة العربية للبنات" حتى عام 1978، حيث يقي مهجوراً قبل أن يجري شراؤه وتجديده من قبل مؤسسة شومان في عام 1993 ويصبح المبنى الرئيسي لـ"دارة الفنون".
كما يستعرض خطوات ترميم المبنى الذي أشرف عليه عمار خماش، محاولاً تقليل التدّخل في معامله قدر المستطاع، فبقيت الواجهات الحجرية على حالها، وكذلك الحجرات الثلاث المكوّنة له، وحوّل فضاءه الداخلي إلى ثلاث قاعات عرض متصلة مع بعضها البعض من الداخل، وأضاف إلى سطح المبنى مكتبة بسقف ثلاثي القباب، شبيه بسقف قصر عمرة الأموي الصحراوي.
واستخدم في ترميمه الكتل الإسمنتية الصلبة بهدف إيجاد تضاد واضح مع الأجزاء القديمة، متجنباً استخدام الحجر، ليقتصر التضاد على الملمس الخشن للجدران، من دون إحداث فوارق لونية كبيرة بين الأجزاء القديمة والأجزاء الجديدة.
وتحتوي "دارة الفنون" قطعاً أثرية عُثر عليها في الموقع؛ ومنها نحت بارز للإلهة تايكي من العصر اليوناني، ومحاكاة عربية للعملة المعدنية البيزنطية، ومصباحان من العصر العباسي، ومصباح شبه كامل من حجر صابوني يعود إلى العصر العباسي أو بداية العصر الفاطمي، بالإضافة إلى قطع فخارية تعود إلى مراحل مختلفة من العصر الإسلامي.