يعدُّ داريو أورتيز (1968) من أبرز الفنانين الكولومبيين الذين طوّروا، منذ بدايتهم الفنيّة، موضوعاتٍ كلاسيكية؛ فعالجها من وجهة نظر معاصرة، وهذا ما دفع بعض النقاد إلى اعتبار لوحاته سرديات معقّدة بعض الشيء، خصوصاً تلك المتعلقة بعناصر شكلية ترتبط بتاريخ الفن أو بالشخصيات الإنجيلية التي اشتغلها برؤية عصرية.
وبالرغم من الانتقادات التي وجِهت له، ظلَّ الفنان الكولومبي يخلق أشكالاً عصريّة يحاور من خلالها العناصر الشكلية التي رسمها مبدعون كلاسيكيون قبله. معرضه "تناص" الذي يستضيفه "متحف كاسا ليون دي تروتسكي" في العاصمة المكسيكية، لغاية الرابع والعشرين من أيلول/ سبتمبر المُقبل، هو خير مثال على ذلك.
يقدّم الفنان في معرضه 12 عملاً فنيّاً كبير الحجم يحاول من خلالها أن يقيم علاقة حوار بين الماضي والحاضر، الواقع والخيال. وهدفه من هذا كله إدخال المشاهد في عملية الخلق الفني كي يحفّزه على التفكير وطرح الأسئلة: هل يمكن أن يكون العالم صغيراً إلى هذا الحد كما يبدو في لوحة "الاستديو"؟ هل رؤية الرجال العراة في الأرض ستدفعنا إلى ملاحظة عدم وجود النساء، وبالتالي الحد من الجرائم التي تُرتكب ضدهن؟
"هدفي من هذه الأعمال إثارة الوعي، خلق حالة يتمكّن فيها المشاهد من المقارنة والمعاينة. هذا هو الفن بالمعنى العميق للكلمة. إنّه إثارة، قدرة على طرح أسئلة"، يقول الفنان الكولومبي.
وكما جرت العادة، تبرز في أعمال الفنان الكولومبي إحالات واضحة إلى عناصر أو شخصيات كلاسيكية، إلّا أنها، كما يوضح أورتيز نفسه، "ليست تنويعات على موضوعات كلاسيكية، فهي لا تأخذ موضوعاً لـ رافائيل سانيزو، تمثيلاً لا حصراً، وتعالجه، بل تحاول أن تخلق في القارئ أثر لعبة "البينغ بونغ"، خصوصاً في إطار العلاقات بين الماضي والحاضر.
يُذكر أن داريو أورتيز هو فنان وكاتب كولومبي من مواليد بوغوتا (1968). بدأ مسيرته الفنية في العام 1984، وشارك في معارض محليّة وعالمية. نال العديد من الجوائز الفنية، أهمها: "جائزة بينال بوغوتا" (2007)؛ و"جائزة إيطاليا للفن المرئي" في فلورنسا.