تقدّم الفنانة التشكيلية داليا علي، في معرضها "حنين القلب" الذي يتواصل في "غاليري رؤى 32 للفنون" بعمّان حتى الأول من آذار/ مارس المقبل، مشاهد حيّة من مدن فلسطين يتفاعل معها المتلقي سواءً تطابقت مع صورها في ذاكرته، أو أحسّ بأثرٍ منها في تكويناتها المختزلة ونزعتها نحو التجريد.
يضمّ المعرض الذي افتتح في الخامس عشر من شباط/ فبراير الجاري، أربعة وثلاثين عملاً فنياً تتوافق مع "أهداف الغاليري في دعم الفن الأردني والفنانات التشكيليات الأردنيات بصورة خاصة، وكذلك في المشاركة في الحراك التشكيلي الأردني والعربي"، بحسب بيان المنظّمين.
في حديثٍ إلى "العربي الجديد"، تشير داليا علي إلى أن لوحاتها متأثرة بدراستها المعمارية، التي تساعدها في البناء المحكم للتكوين، وفي إبراز خطوطها، وكذلك في جعل توزيعها مبنياً على القواعد الهندسية لدرجة ما. وتضاف إلى ذلك خبرتها في مجال الفن منذ عام 2005، حيث أقامت أوّل معرض لها بعد ذلك بنحو ثلاث سنوات، والعمل على اللوحة المعمارية ساهم لديها في تشكيل موسوعة بصرية كبيرة.
تتابع: "الممارسة والتمرين البصري حفّزني على التعامل مع اللون والمساحة والخطوط وأن توجد علاقات في ما بينها"، موضّحة أن "الرؤية الأساسية لهذا المعرض تتمثّل في طريقتي بالتواصل مع هويتي وتراثي وجميع القصص التي رُويت لي، من أمي وأبي وأهلي وأصدقائي في فلسطين. ولأنني لم أزر فلسطين، أردتُ استكشافها في لوحاتي عبر رحلة شخصية جداً، نابعة من القلب".
وتلفت داليا إلى أنها بدأت رحلة البحث من خلال مشاهدتها المكثّفة لصور العديد من المدن الفلسطينية، وكانت القدس أولى هذه المدن التي قدّمتها في ما يقارب مئتي عمل، تتنوّع في طبيعة ألوانها ومدى التجريد فيها، ثم انتقلت في هذا المعرض إلى مدن أخرى، مضيئة جمال طبيعتها وتراثها ومبانيها القديمة. وبيّنت أنها لم تتقصد رسم مكان بعينه لكن الصدفة جعلتها تتأثّر أكثر بصور عكا ويافا وجنين وتنجذب إليها.
وترى أنّ ما يحكم تنوّع المواد المستخدمة في لوحتها ــ سواء ألوان الأكريليك أو المواد المختلطة مثل الصحف والورق المزخرف والرمل وغيرها ــ عاملان اثنان، هما المرحلة التجريبية التي تختبرها حالياً، والصورة التي تعايشها وما توحي به إليها. وتعطي مثالاً على ذلك تجربتها حين رسمت مدينة يافا في ثلاث لوحات في هذا المعرض، وكلّ منها نُفذت بتنقنية مختلفة، فواحدة من ورق الذهب بتفاصيل بسيطة جداً، وثانية بتفاصيل أكثر بالأزرق والبنّي، والأخيرة بحجم كبير وألوان وتفاصيل متنوعة جداً.
وتوضح داليا علي أنّها تُواصل العمل على مشروعها في رسم مدن فلسطين، وهي تطوّر بعض التقنيات مثل التطريز على لوحات الأكريليك، واستخدام ورق الذهب في اللوح ــ وهي تقنية حساسية جداً ــ واستخدام الغرافيك بطرق مختلفة، حيث قد تمهّد هذه التجربة لمعارض مقبلة.
يُذكر أن الفنانة حائزة على درجة البكالبوريوس في الفن والتصميم من "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" (MIT) في الولايات المتحدة، والماجستير في الهندسة المعمارية، وشاركت في معارض جماعية وشخصية في المنامة والقدس ورام الله وأبوظبي وفيرجينيا وكونيكتيكت، إلى جانب عمّان.