دخول إجباري

26 سبتمبر 2020
(من معرض الجزائر الدولي للكتاب في دورة سابقة)
+ الخط -

ماذا تفعل حين لا تملك دخولاً ثقافياً في بلادك؟ إنْ طرحتَ هذا السؤال على وزيرة الثقافة الجزائرية، فستُجيبك ببساطة متناهية: أنظّم دخولاً ثقافياً!

قبل يومين، أعلنت الوزيرة الجزائرية عن تنظيم ما أسمته دخولاً ثقافياً، مِن خلال إقامة تظاهرةٍ سنويةٍ تنطلق دورتُها الأولى اليوم السبت وتتواصل حتى السابع من الشهر المقبل، وتتضمّن ندواتٍ وأنشطةً أدبية ومسرحية وموسيقية وتشكيلية.

وبحسب مليكة بن دودة، فإنَّ التظاهرة، التي ستُقام في جميع ولايات البلاد، ستكون بمثابة "طريقٍ للدخول الأدبي المفقود في الجزائر، وفرصةٍ لتقريب الشأن الثقافي مِن الجميع، وجعلِه حالةً منسجمةً في الفضاء العمومي".

لكن، هل تُصدّق الوزيرة، والقائمون على المؤسّسة الثقافية الرسمية، فعلاً، أنَّ بإمكانِ تظاهرةٍ تُقام خلال بضعة أيام تحقيق كلّ ذلك الكلام الكبير الذي لم تُحقّقه التظاهرات الثقافية التي أُقيمت على مدار سنوات، ومِن بينها مهرجانات المسرح والسينما ومعارض الكتاب الدورية، ووصولاً إلى ما سُمّي بالتظاهرات الثقافية الكبرى؛ مثل احتفالية عاصمة الثقافة العربية في الجزائر العاصمة (2007) وقسنطينة (2015)، وعاصمة الثقافة الإسلامية في تلمسان (2011)، والمهرجان الثقافي الأفريقي (2009)؟

يُمكن غضّ الطرف عن كلام الوزيرة واعتبارُه مجرّد حماسةٍ زائدة من أستاذة الفلسفة التي لم تُكمل بعدُ عامها الأوّل في الوزارة. غير أنَّ ما يستدعي التوقُّف عنده هو الإعلانُ نفسُه، والذي يبدو أشبه بفرض "دخولٍ ثقافي" متخيَّلٍ في مشهدٍ مغلَق تعيشُ جميع قطاعاته، وفي مقدّمتها قطاع الكتاب، اختلالاتٍ لا حصر لها.

فكرة الدخول الثقافي، أو الأدبي، التي نوعَد بأنّها ستكون تقليداً سنوياً في الجزائر هي في الأساس تقليدٌ لتجربةٍ فرنسيةٍ تستندُ إلى سوقٍ ضخمةٍ للكتاب وتقاليد عريقة في صناعته، تشترك فيها سلسلةٌ طويلة من الكتّاب والناشرين والموزّعين والمكتبيّين والقرّاء. ليست محاولةُ استيراد التجربة معيبةً في حدّ ذاتها. لكنَّ الأصحَّ أن يُبادر الناشرون والفاعلون الثقافيّون إلى ذلك. أمّا دورُ وزارة الثقافة الحقيقيُّ فينبغي أن يتّجه إلى تهيئة مناخٍ يسمح بنجاح التجربة، لا محاولة فرضها بقرارٍ رسمي.

موقف
التحديثات الحية