بين العشرين من آذار/ مارس والخامس عشر من نيسان/ أبريل الماضيين، نظّم فرع "مؤسسة الدراسات الفلسطينية" في الولايات المتحدة، بالتعاون مع مشروع "النداء الفلسطيني الموحد" و"مركز الدراسات العربية المعاصرة" في "جامعة جورج تاون"، ورشة كتابة ركّزت على قصص النكبة التي يرويها أحفاد الناجين الذين تمّ تهجيرهم قسراً من أرضهم.
تحت عنوان "جمع القصص العائلية: دروس من النكبة"، تقيم المؤسسة عند الخامسة من مساء اليوم الخميس في "جامعة شيكاغو"، ندوة تتحدّث خلالها الصحافية والمصورة الفوتوغرافية الفلسطينية لورا البسط، منظّمة الورشة، والباحثة والكاتبة الفلسطينية مرح عبد الجابر إحدى المشاركات فيها.
تعرض الندوة دليلاً عملياً حول توثيق الروايات العائلية، وأدوات جمع التاريخ الشفهي، ودور الصحافة في الوصول إلى المعلومات والتاريخ الشخصي، بالتركيز على تجربة النكبة، كما تناقش المحاضرتان تأثير السرد كمنتج للضمير الجماعي الفلسطيني.
وكانت المؤسسة قد نشرت على موقعها الإلكتروني، خمس قصص هي نتاج الورشة التي أُقيمت بمناسبة مرور خمس وسبعين سنة على النكبة، باللغات الإنكليزية والعربية والإسبانية، بعد أن تلقّى كتّابها تدريباً على الكتابة السردية وجمع التاريخ الشفهي والتقارير المستنيرة للصدمات.
تتناول الندوة توثيق الروايات العائلية وأدوات جمع التاريخ الشفهي من خلال قصص وثّقت النكبة
كتبت عبد الجابر نصاً بعنوان "وتبقى سلواد بالأغنية والتضحية"، ويرد فيها: "كبرت ستي (جدّتي) حفصة خلال الحكم الاستعماري البريطاني، وهي في كثير من الأحيان، لا تستطيع التمييز بين الجيوش التي سارت على أرضها، إذ تتداخل ذكريات النكبة مع اشتباكات المستوطنين وعدوان المحتلين في فترة الستينيات. وبينما تروي الحكايات عن الغارات المتواصلة والإذلال العلني والإرهاب والمقاومة من داخل القرية، تنسب العنف للبريطانيين تارةً وللمحتلين الصهاينة تارةً أخرى".
في قصتها "ماري تحلُم بفلسطين"، دوّنت سماح فضل: "سارت قوات الاحتلال الإسرائيلي في الشوارع المفجّرة والمهشمة، والتي حلمت بها ماري ذات يوم. وفي غضون أسبوعين، أجبرت تلك القوات أسرة مصيطف على ركوب حافلة أنزلتهم عند ما بات يُعرف اليوم بحدود الضفة الغربية، وساروا من هناك حتى عبروا الجسر إلى الأردن. ثم استقلوا سيارة أجرة إلى عمّان وباتوا فيها ليلة واحدة، قبل مواصلة طريقهم إلى لبنان. وهناك أقاموا مع عائلة ماري، وما عادوا بعدها إلى بيت لحم".
وكتبت أوديت ييدي ديفيد نصاً بعنوان "الحياة الخفية لسيدو حبيب"، ورد فيه: "كان سيدو حبيب يبلغ من العمر 13 عاماً عندما طُردت عائلته من عيلبون. ساروا حفاة الأقدام عبر الجبال نحو جنوب لبنان لمدة ثلاثة أيام، كانت الليالي شديدة البرودة، مشوا طويلاً حتى استقروا في مخيم المية ومية للاجئين في صيدا. كان سيدو حبيب يقول دائماً إنهم سدوا جوعهم بطعام 'لا تأكله الكلاب'. وبعد المذبحة في قريتهم وبعد قضائهم عدة أسابيع في لبنان، سُمح لهم أخيراً بالعودة، وهذه العودة كانت استثنائية بعكس مصير الفلسطينيين من مئات القرى المهجرة خلال النكبة".
أما نص "على درب التهجير، من حرب إلى أُخرى" لعبد الله موسوس فكتب فيه: "توجه آلاف الفلسطينيين من أبناء المدينة إلى الميناء، بعد أن قطعت الميليشيات الصهيونية الطرقات البرية وبدأت بقصف الأحياء. حينها، غرق عدد من القوارب في البحر، لكن قارب أبو شليح تمكن من النجاة".
"في جنين، تلتقي الأقدار" عنوان قصة زين عساف التي كتبت فيها: "كانت جنين، بالنسبة إلى جدتي، ملجأً غير متوقع. فقد وُلدت في عكا سنة 1932 وشُرِّدت فجأة في سنة 1948، ووجدت نفسها وحيدة في جنين من دون أُمها أو أختها. لم تتخيل يوماً أن تعيش هذه الحياة، بعيداً عن بيتها في عكا. غير أن القدر المكتوب لها كان غير ذلك. فما لبثت أن وقعت في حُب جدّي الفلاح، وأمست جنين في نهاية المطاف بيتها البعيد عن بيتها، ووجدت فيها العزاء والسلوان والشعور بالانتماء، على الرغم من الصعوبات التي واجهتها".