دفاتر ضياء العزاوي: صور تشكيلية للشعر العربي

18 يونيو 2023
ضياء العزّاوي (من غلاف الكتاب)
+ الخط -

شكّلَت تجربة القصائد المصوَّرة التي تميَّز بها التشكيلي العراقي ضياء العزّاوي، واحدةً من التجارب التشكيلية العربية المتفرّدة. في هذا النوع التعبيري المتميّز عن أنواع التشكيل المختلفة، يمزج العزّاوي بين اللون والشكل والقصائد المكتوبة التي يختارها لشعراء عرب، موظِّفاً في ذلك مهارته في التلوين وخلق الفضاءات التي تتماهى مع النص وتذوب فيه، ليُنتج دفتراً شعرياً يُصوِّر فيه أجواء القصيدة؛ إذ ينفعل معها ويتعاطف ويغضب ويحزن ويُحبّ، حتّى أنّ الشعر صار جزءاً لا يتجزّأ من دفاتره.

عن "دار سكيرا" في ميلانو، صدر مؤخَّراً كتاب ثنائي اللغة (عربي - إنكليزي) حمل عنوان "صورة الشعر - دفاتر ضياء العزّاوي"؛ وهو عملٌ يمكن وصفه بأنّه ملخَّص لأعمال التشكيلي التي بلغت مائة وثلاثة دفاتر، رسمها في فترات متفاوتة، بدءاً من أوّل دفتر عام 1968 بعنوان" مقتل الحسين" وحتى دفتره الأخير الذي أنجزه في 2022، وحمل عنوان "لو أنبأني العرّاف/ عاد الربيع/ وحدي على شواطئ الأطلسي: للشاعرة لميعة عباس عمارة".

يضمّ الكتاب قصائد لاثنين وأربعين شاعراً عربيّاً؛ في مقدّمتهم المتنبّي وابن عربي. أمّا البقيّة فهُم شعراء مُعاصرون مثل يوسف الصائغ (أنتَج دفتره عام 1971)، وعبد الوهاب البياتي (أنتجه عام 1989)، ومحمد الفيتوري (1989)، إلى جانب بدر شاكر السيّاب، ومحمود درويش، ونزار قبّاني، وبلند الحيدري، وسعدي يوسف، وسركون بولص، وفوزي كريم، وحسب الشيخ جعفر، وفاضل العزّاوي، وأدونيس وآخرين.

وإلى جانب ذلك، يضمّ مقالات لفنّانين تناولوا تجربة العزّاوي؛ من بينهم ندى شبّوط، ولويزا ماكميلان، ومايسا كافل حسين، وين تشين أويانغ، إضافة إلى عددٍ من مقالات العزّاوي بترجمة سليم البهلولي، وبعض القصائد التي رسمها.

يعكس العزّاوي في هذا الكتاب العلاقة الكبيرة بين الرسم والشعر، والتي استمرّت عنده لأكثر من أربعة عقود، من خلال لوحاته الفنّية وألوانها ورموزها وتفاعلاتها مع النصوص، باختلاف الشعراء وتجاربهم وأجواء قصائدهم. وبهذا تصبح القصائد المختارة وثيقة شعرية وتشكيلية يتضامن فيها الرسّام مع الأدب ويتعاطف مع القضايا التي يتبنّاها، مُنطلِقاً إلى آفاق جديدة في المزج بين التشكيل والكتابة.

غلاف صورة الشعر - دفاتر ضياء العزاوي

استغرق الكتاب، الذي يقع في 329 صفحة من القطع الكبير، ما يقارب ثماني سنوات من التصوير والتنضيد والإخراج. وقد قدَّمت له باللغة الإنكليزيّة فرانسيسكا ليوني؛ القيّمة في "متحف أشموليان" بأوكسفورد.

يُذكَر أنّ ضياء العزّاوي من مواليد عام 1939. تخرّج من قسم الآثار في "كلّية الآداب" في بغداد عام 1962، وحاز شهادة في الرسم من "معهد الفنون الجميلة" عام 1964. كان من مؤسّسي "جماعة الرؤية الجديدة" و"الجماعة العددية"، وهو يعيش منذ أكثر من ثلاثين عاماً مستقراً في ضاحية قريبة من لندن.

المساهمون