يقدّم معرض "رفقاء عمر" الذي افتتح في "قاعة الزمالك للفن" بالقاهرة في التاسع عشر من الشهر الماضي ويتواصل حتى الإثنين المقبل، تجربة الفنانين التشكيليين المصريين مصطفى عبد المعطي (1938) ورباب نمر (1939) واللذين جمعهما الفن وزواج استمر لسنوات طويلة.
يضم المعرض مجموعة من الاسكتشات للفنانين تعود إلى بداياتهما في ستينيات القرن الماضي، إضافة إلى مجموعة منتقاة من اللوحات التي تعود لفترات سابقة والتي يتم عرض معظمها للمرة الأولى، حيث احتفظت نمر بها وقررت عرضها بعد أكثر من نصف قرن.
تتنوّع لوحات نمر بين مفردات تكررت كثيراً مثل شباك الصيادين والأسماك والمراكب والملابس التقليدية لسكان السواحل، بفعل ولادتها ونشأتها في مدينة الإسكندرية، غير أن السمك بدأ منذ فترة طويلة يحضر في أعمالها باعتباره كائنات متأنسنة تمارس أفعالاً بشرية وتتفاعل مع الناس أيضاً.
يستعير مصطفى عبد المعطي في منحوتاته الأسلوب التجريدي الذي عكسه العديد من تماثيل الحضارة المصرية القديمة أو الفترة البطلمية اليونانية، حيث تظهر المجسمات الهندسية من كُرات وأهرامات ومكعبات في تمازج مع العديد من موتيفات الفنون الشعبية التي تتصل بعروسة المولد والألعاب والطقوس الشعبية.
ويستند في تجربته إلى بعد فلسفي صوفي في إقامة حوار بين الأشكال التي يرسمها أو ينحتها، والتي تتسق في بنية هندسية لا تنفصل عن نظام الكون وحركة أجرامه وكواكبه في سياق متوازن ومدروس، طوّره منذ تأسيسه مع اثنين من فناني مدينته الإسكندرية هما سعيد العدوي ومحمود عبد الله جماعة أطلقوا عليها اسم "التجريبيين"، في مرحلة كان التشكيل المصري يشهد حراكاً جدياً ضمن ثيمات عديدة، كالبحث عن هوية فنية، ومحاولات التجديد في الأسلوب والرؤى والتقنيات.
افترق عبد المعطي عن زميليه الآخرين من خلال اهتمامه بالبعد المعرفي وما توفّره الاكتشافات والمخترعات العلمية الجديدة في فهم أعمق للعلاقة بين الإنسان والطبيعة، بعيداً عن تلك الصلات والرؤى ذات البعد الرومانسي، ما جعله ينزع نحو تشكيلات مجرّدة مأخوذة من معادلات وأنظمة حسابية كتلك التي اعتمدها الإنسان للصعود إلى القمر، بحيث تصبح القياسات والحجوم والكتلة والوزن والكثافة معايير أساسية لتشكيل الجسد الإنساني ونحته.
يُذكر أن نمر وعبد المعطي نالا درجة الدكتوراه من "أكاديمية سان فرناندو" في مدريد، وشاركا في معارض جماعية منذ كانا يدرسان الفن في كلية الفنون الجميلة بجامعة الإسكندرية حيث نالا درجة البكالوريوس، حيث عملت الأولى مسؤولة الفنون التشكيلية بقصور الثقافة بالإسكندرية، بينما درّس عبد المعطي في جامعتها.