تناولنا في مقال الأسبوع الماضي وصف الرحّالة البريطاني جيمس سيلك بكنغهام لمدينة الموصل عام 1816، كما ورد في ترجمة الباحث سليم طه التكريتي لهذا الجزء من رحلته الكُبرى في بلاد الرافدين، ونتابع في هذا المقال وصفه لمدينة بغداد التي كانت تحتفظ في ذلك الوقت ببعض ملامحها القديمة، وهي ملامح اختفت الآن تقريباً، بسبب توسّع المدينة، وغياب ثقافة الحفاظ على الهوية العمرانية للمدن القديمة.
بدأ بكنغهام جولته الاستطلاعية في عاصمة العباسيّين بصحبة بعض الرفاق على ظهور الجياد، في العشرين من تموز/ يوليو 1816، بعد أن أمضى استراحة لعدة أيام في بيت المندوب البريطاني السيد كلاوديوس ريغ (1786 - 1821)، فسار بامتداد المدينة طولاً مجتازاً بذلك الباب الشرقي، ومستديراً حول الأسوار، كيما يعود من الباب الشمالي الغربي الذي يكون منه الدخول إلى المدينة، ويؤدّي من هُناك إلى الموصل. وقد انقضت بقيّة ذلك النهار في التجوال داخل المدينة بصُحبة أدلّاء المقيم البريطاني المحليّين.
سور بغداد وأبوابها
والملاحظة الأُولى التي دوّنها بكنغهام كانت حول سور المدينة، حيث يقول: "السُّور الذي يُحيط ببغداد يحمل من الدلائل ما يُبرهن على أنّه قد تمّ تشييده وإصلاحُه في فترات عديدة متباينة، وأنّ أقدم جزء فيه، هو أفضلُ الأجزاء، كما هو الأمر في معظم الأبنية الإسلامية، وأنّ الجزء المتأخّر بناؤه منه أسوأ من سواه. والسُّور مشيّد كلّه بالآجر، ومن أنواع مختلفة طِبقاً للعصر الذي شُيّد فيه. وله أبراج كبيرة مدوّرة تقع عند الزوايا الرئيسة فيه، وأُخرى صغيرة تقع على مسافات قصيرة بين أحدها الآخر وعلى أبعاد بينها تتراوح بين الكِبر والصِّغر، وقد أُقيمت على الأبراج الكبيرة بطّاريّات جُهّزت بالمدافع البرونزية ذات عيارات متباينة، وتُركت من دون انتظام، ولا يزيد عددها عن الخمسين بما في ذلك التحصينات الموجَّهة نحو المنطقة الخالية في المدينة".
ويضيف: "للمدينة ثلاثة أبواب للدخول والخروج منها، أوّلها يقع في الجنوب الشرقي، والثاني في الشمال الشرقي، والثالث في الشمال الغربي من المدينة. والباب الأخير منها هو الباب الرئيس لأنّه يمتدّ من طريق كثير الحركة إلى جزء مأهول أكثر نشاطاً من غيره من أجزاء المدينة، ويضمّ أرضاً أُعدّت للعبة 'الجريد' التركيّة، وسوقاً كبيرة، وقصر الباشا الذي يقع على مسافة غير بعيدة". ويقول إن خندقاً يُحيط بالسّور لكن لا ماء فيه، وهو ذوعمق ظاهر، ويلفت إلى أنه لا يوجد في هذا الخندق أيّ بناء، أو أيّ نوع من المشتملات.
ويلاحظ بكنغهام أن أجمل المشيّدات في المدينة هي القديمة الباقية في الأسوار، حيث تبدو ظاهرة في اثنين من البروج الواقعة في الزوايا، وعلى مسافة غير بعيدة من باب الوسط. فهذان البرجان فخمان في الحقيقة، وجودة الآجر الذي شُيّدا به وهو من اللون الأصفر، ودقّة تركيبه تُضارعان أيّ بناء قديم كان قد شاهده قبلاً. ويقول: "الكتابة المستطيلة التي تحتلّ شريطاً عريضاً في الجزء الشمالي من هذين البرجين قد خُطّت بأحسن خطّ عربي قديم. ولم يظهر من صفة تلك الكتابة أنّها كانت ذات الكتابة التي استنسخها نيبور من أحد الأبراج، ويظهر من هذه الكتابة أنّ الخليفة النّاصر هو الذي شيّدها سنة 618 للهجرة، أو سنة 1221 للميلاد".
مفاجأة داخل المدينة
ينتقل بكنغهام بعد ذلك للحديث عن داخل المدينة التي تفاجئه حالة الإهمال فيها، فهي "لا تُثير الاهتمام بالشّكل الذي يتوقَّعه المرء من الشُّهرة التي نعمت بها بغداد كعاصمة لإمبراطورية شرقية لها غناها وأهمّيتها"، بحسب تعبيره. ذلك أنّ مساحات واسعة من الأرض الواقعة ضمن الأسوار لا توجد فيها أبنية، ولا سيّما الجانب الشمالي الشرقي منها. وحتى في الموقع الذي تكثر العمارات فيه، وعلى الأخصّ الحيّ المأهول أكثر من غيره، والذي يقع على مقربة من النهر، وتظهر فيه أشجار وفيرة.
ويقول: "لذلك؛ عند النّظر من شُرفات المنازل القائمة ضمن الأسوار إلى هذا الحيّ يبدو وكأنّه أشبه بمدينة تبرز من وسط بساتين النخيل، أو أنّه أشبه بما كانت عليه بابل كما يُظنّ، أي أنّه إقليم مسوّر، وليس مدينة واحدة". ويلفت رحّالتنا إلى أن جميع الأبنية، العامّة منها والخاصّة، مُشيّدة بالآجُر، وهو من اللّون الأحمر المُصفَرّ، والحجم الصغير، والزوايا المدوّرة، ويقول إن ذلك "يدلّ على أنّه قد استُعمل قبلاً بصفة مستمرّة، أو أنّه ربّما نُقل من خرائب إحدى العمارات لبناء عمارة ثانية، كيما تتألّف من الأجزاء المنهارة عمارة ثالثة".
وحول شوارع بغداد يقول إن شأنها هو شأن كلّ البلدان الشرقية الأُخرى، ضيّقة غير مبلَّطة، يتألّف جانباها عادة من جدارَين خاليين من المشاغل يندر فيها وجود النوافذ التي تنفتح على الشّارع العام، في حين تكون أبواب المساكن صغيرة وضعيفة. ويزيد أن هذه الشّوارع أكثر التواء وتعرُّجاً ممّا هو موجود منها في كثير من المدن التركيّة الكُبرى. وما خلا بعض الأسواق المستطيلة المستقيمة، وبعض السّاحات القليلة المكشوفة، فإنّ داخل بغداد يؤلّف عقدَ ممرّات وأزقّة.
أما قصر الباشا الوالي فيقول إنه يتألف من بناية واسعة، وليست كبيرة، تقع في الحيّ الشمالي الغربي من المدينة، غير بعيدة عن ضفّة نهر دجلة، وتضمّ داخلها معظم الدوائر العامّة ذات المرافق الواسعة لحاشيته، وإسطبل جياده وخدمه، وهذه البناية عصريّة نسبيّاً، وهي بما أضيف إليها في فترات متباينة تؤلّف مجموعة كبيرة من بناء غير منتظم لا يبرز فيه شيء من جمال فنّ البناء، وقوّته، أو أهمّيته.
مساجد متشابهة
ويصف بكنغهام بعض مساجد بغداد ويبدأ من جامع سوق الغزل، ويقول إنه سُمّي بهذا الاسم لوقوعه في السُّوق التي تُباع الغزولات القطنيّة فيها. ويلاحظ أنّ الهيكل الأصلي للبناية قد دُمّر بفعل التصدّع، ولم يبق منه في الوقت الحاضر سوى المئذنة وجزء صغير من الجدران الخارجيّة، وأوّل هذه الجدران عمود قصير سميك ثقيل من أجزاء غير لائقة بُنيت من آجر متقاطع بشكل زوايا مُنحرفة ومختلف ألوانه كما هو الأمر في منارة الجامع الكبير في الموصل.
ويقول: "لولب المرتقى إلى الإيوان الذي يُعلن منه الأذان لإقامة الصّلاة يبدأ من أسفل وسط العمود، ومن هُناك يرتفع في سلسلة محاريب ذات أقواس مدبّبة تتدلّى زخارفها كالرواسب الكلسية المتدلّية من الكهوف إلى أن تبلغ حوالي ثلثي ارتفاع العمود، ثمّ تتلاشى بالتدريج، وتنتهي عند الإيوان الذي سبقت الإشارة إليه. ويكون جزء العمود الذي يعلو هذا قصيراً وذا رأس مدوّر، والمئذنة كلّها تختلف تماماً عن المآذن التركيّة في سورية، كما أنّها تختلف بصفة أكثر عن المآذن الخفيفة الأنيقة التي تُشاهد في أنحاء كثيرة من مصر. والسطح الخارجي لهذه المئذنة يحمل هو الآخر دلائل التصدّع، لكن الجزء الباقي منه يشير إلى أنّ بعض أجزائه الأُخرى كانت مُزيّنة بالنقوش العربية المُدهشة، وأنّ إحدى الكتابات التي نقلها نيبور بمساعدة أحد الملالي العرب تُبيّن أنّ المسجد قد شُيّد من قِبل الخليفة المستنصر سنة 633 للهجرة الموافق لسنة 1235 الميلاديّة، أي بعد حوالي أربع عشرة سنة من تأريخ إقامة البرج الذي يُرى في السُّور الخارجي للمدينة، والذي سبق وصفه".
وينتقل بعد ذلك للحديث عن جامع مرجان، وهو مسجد لا يبعد عن هذا كثيراً، فيه آثار مساوية في القِدم لآثار جامع الغزل، وواجهته غنيّة بالنّقوش العربيّة. وهيكل المسجد نفسه حديث، ولا يُظهر القسم الداخلي شيئاً بارزاً، لكن بوابة مدخله جميلة جداً، كما يقول. ويتابع: "هذه البوابة مؤلّفة من قوس عالية ينتهي كلّ جانب منها بسلسلة من أشرطة فخمة منحوتة نحتاً رائعاً، ترتفع على الجانبين ثمّ تلتقي معاً عند القمّة، وبنفس شكل القوس ذاته تقريباً. وفي أعقاب آخر هذه الأشرطة قائمة كبيرة ذات قطر كاف يُمكن اعتبارها عموداً، لكنّها لا ترتفع إلى تاج الأشرطة الصّغيرة التي سبق وصفها. وهذه القائمة مُخطّطة بصفة لولبيّة على امتداد ارتفاعها، وتبدو على الأجزاء البارزة من هذه التخطيطات كتابات وطقوس دقيقة بُذل جهد كبير فيها كُتبت بنسق العصر الذي وُجِدت فيه. وهُناك فيض من الكتابات التي يستطيع أيّ امرئ نقلها إذا تهيّأ له الوقت اللازم لهذا العمل الذي يتطلّب عدّة أسابيع على الأقلّ".
سوق البغتة
ويلفت إلى أنّ سوق "البغتة" أو سوق الموسلين، الذي يتألّف من شارع طويل يمتدّ من هذا المسجد، قد أنشئ في ذات العصر. وقد لاحظ في هذا السّوق خاصيّة لم ير مثلها في مكان آخر، وهو وجود شريط من كتابات عربيّة قديمة تعلو عتبة كلّ حانوت، وقد حفرت بحروف كبيرة، واعتُني بها مثل أيّ من الكتابات الموجودة في المسجد. ويقول: "لقد نقشت هذه الكتابات بنسق وانتظام إلى درجة تحمل المرء على الاعتقاد بأنّها كانت معاصرة للسّوق نفسه، وهو قديم جداً، ولكن هل أنّ هذه الكتابات تحمل أسماء الذين أشغلوا تلك الحوانيت عند افتتاحها، وهل أنّها تضمّ بعض العبارات المقدّسة، أو تشير إلى تاريخ تأسيسها؟ إنّ نظراتنا الخاطفة إليها لم تدعنا نتأكّد من ذلك".
ويصف بشكلٍ مفصّل "جامع الخاصكي" ويقول إنه يشبه الجامعَين السابقين، ولكنّه ينتبه إلى أن محرابه ذو شكل مجوّف واعتيادي يتوّجه قوس روماني، يقوم على عمودين صغيرين يُشبهان ما رآه على باب القصر الرّوماني بالقنوات في جبل حوران، وعلى غيرها من المعابد الرومانيّة، والكنائس المسيحية الأُولى التي رآها، ووصفها أثناء رحلته عبر الأجزاء الشرقية من سورية.
بعد ذلك يتناول "جامع الوزير" الواقع على مقربة من النّهر، ولا يبعد سوى ياردات قلائل عن باب الجسر، ويقول إن له قبّة جميلة، ومئذنة عالية. وكذلك "الجامع الكبير" الذي يقوم في ساحة الميدان على الطريق من الباب الشّمالي الغربي إلى القصر ومقرّ المقيم البريطاني، ويعيد القول إن معظم الجوامع الأخرى والتي لم تتسم هُنا بصفة خاصّة، ذات مظهر متشابه نسبيّاً. ويشير إلى أن نمط القباب في بغداد يندرج ضمن الذوق الفارسي.
خانات وأسواق
ويفرد بكنغهام مساحة للحديث عن خانات بغداد التي تسمى "كروان سراي"، ويقول إن عددها زهاء الثلاثين لكنّها جميعها مشابهة في بنائها لِما هو موجود منها في ديار بكر أو أورفه. ويركز في حديثه على "خان الأورطة" الشهير لأنّ فيه أروقة كبيرة وصغيرة قائمة لكلّ منها سلسلة متداخلة من تضاريس مسطّحة الشكل وسطية تُخالف طريقة الخانات التي سبق وصفها في الموصل. ويقول إن البناء يحمل دلائل قدمه، وقد أحسن تشييده من آجر معتم اللّون وملاط أبيض، وهو يحوي الزخارف المعتادة في زمن العمارة العربي والتركي على صفة نقاط من الرواسب، وتجاويف معلّقة، وما شاكلها.
أما أسواق المدينة فهي متعدّدة كما يقول، ومعظمها يتألّف من أزقّة طويلة مستقيمة، ذات عرض معتدل. وأحسن هذه الأسواق معقودة من أعلى بالآجر، غير أنّ أكبر عدد منها مسقّف بأخشاب منبسطة تمتدّ في الوسط من جانب إلى آخر، وذلك لتدعيم السَّقف المصنوع من القشّ والأوراق الجافّة، أو أغصان الأشجار والحشائش. أما الحوانيت في هذه الأسواق فهي مزوّدة جيّداً بالسِّلع الهندية. وحول حمّامات بغداد يقول إنها هي الأُخرى تختلف عمّا هو موجود في جميع المدن الكبرى ببلاد الرّافدين التي مرّ بها حتّى الآن. وقال إن هناك أكثر من خمسين من هذه الحمّامات في المدينة.
منازل ذات طراز خاص
وتثير دهشة بكنغهام منازل بغداد الخاصّة التي لم ير فيها رواقاً واحداً فوق مدخل أيّ منها، إذ كانت كلّها إمّا مدوّرة أو مسطّحة تعلوها نقوش من الآجر المنحوت. ويقول: "تتألّف الدار من سلسلة من الشُّقق تنفتح على باحة داخليّة مربّعة، وبينما تُدعى الغرف المشيّدة داخل الأرض بالسراديب، ويأوي إليها الناس للتوقّي من وقدة الحرّ أثناء النهار، فإنّ الشُّرفات المكشوفة تُستعمل لتناول وجبة المساء، أو للنّوم فيها خلال الليل".
ويُقدّر عدد سكّان بغداد باختلاف كبير ما بين خمسين ألفا إلى مائة ألف. ويقول إنها أقلّ نفوساً من حلب، لكنّها أكثر من دمشق. ولذلك فإنّ الرقم القريب من الحقيقة هو ثمانون ألفاً. وويلاحظ أن الموظّفين الكبار في الحكومة من مدنيين وعسكريين هُم من العوائل العُثمانيّة "عصمانلي" أو من أتراك إسطنبول، ومعظم التُجّار والباعة هُم من أصل عربي، في حين أنّ الطّبقات السُّفلى من الشّعب تتألّف من مزيج من الدم التركي والعربي والفارسي والهندي بكلّ صفاتهم المتباينة. وهُناك بعض اليهود والمسيحيّين الذين يحتفظون بطبقاتهم المميزة لهم، بينما يتألّف الغرباء في المدينة من الأكراد والفرس والأعراب، حيث يوجد عدد ملموس من كلّ من هؤلاء بصفة عامّة.
أزياء متقشّفة
ويقول إن لباس أتراك بغداد يختلف عن لباس أضرابهم من أبناء الشّمال، وهو هُنا أقلّ من لباس أولئك زركشة وفخامة، كما تختلف جيادهم وأسلحتهم وأعتدتهم عمّا هو مستعمل في المدن الكبيرة الأُخرى في الإمبراطورية. أما لباس التجّار فهو لباس عربي خالص، ولو أنّه بصفة عامّة أحسن نوعاً من لباس عرب الصحراء. ويُضيف: حيثما ذهبت في بغداد شاهدت العمائم البيضاء حتّى إنّ أوطأ طبقة من المسلمين تلبسها تمييزاً لعقيدتهم. وإنّ طريقة ارتدائهم العمائم جميلة، وذات ميزة خاصّة.
وحول لباس اليهود والمسيحيين فهو، كما هو الحال في كلّ أنحاء تركيّا، يتألّف عادة من عباءات سوداء، وشالات من الجوخ (الكشمير) أو الحرير الأزرق لاستعمال العمائم. ويلفت إلى أن الفرس يحتفظون بلباسهم المعروف في بلادهم، والذي يُمكن به تمييزهم عن بقيّة الطبقات الأُخرى. أمّا الأعراب فهم يُعرفون بكوفيّاتهم المصنوعة من الحرير أو القطن، وعباءاتهم الصوفية الواسعة، والخنجر يماني الشّكل الذي يحملونه، ويُسمّونه بالجنبيّة.
ويؤكّد رحّالتنا أن لباس نساء بغداد ساذج مثل لباس بقيّة أفقر القُرى فيما بين النّهرين. فالنّسوة من مختلف الطّبقات يلبسن أردية زرقاء شبيهة بما تلبسه الطّبقات الدُنيا في مصر، ويُغطّين وجوههنّ بقطعة من القماش الأسود القوي الشّفاف. وهذا الحجاب لا تلبسه النُّسوة الوافدات من الأرياف المُحيطة، واللّواتي يُشاهَدن هُنا بحشود كبيرة في الأسواق التي يتزوّدن منها بما فيها من مصنوعات.
ويقول: "فهُنّ يضعن فوق رؤوسهنّ غطاءً قطنيّاً ذا لون أحمر أو أصفر، وتظلّ وجوههنّ مكشوفة مُعرّضة للنّظر إليها، باستثناء الفم الذي يُغطّى أحياناً. وكما هو شائع بين بدو الصّحراء تكون شفاه هؤلاء النّسوة مصبوغة بالزُّرقة، كما تظهر خطوط وإشارات زرقاء على أجزاء مختلفة من وجوههنّ، وهُنّ يلبسن الأساور والخلاخيل الثّقيلة أيضاً، ويُحلّى الأنف إمّا بحلقة كبيرة، أو بقطعة مستوية مستديرة من الذهب تُلصق على ورقة الأنف، وتكون في حجمها وشكلها ومظهرها أشبه بالأزرار المتلألئة الجميلة التي يضعها الفلّاحون الإنكليز على صدرياتهم التي يلبسونها في أيّام الآحاد".