بحصيلة تجاوزت مئة كتاب، يقف المؤرّخ والكاتب التونسي أحمد الطويلي (1942 - 2022)، الذي رحل عن عالمنا أوّل أمس الأربعاء، كواحد من أكثر المثقفين التونسيين إنتاجاً تأليفياً.
تتوزّع هذه الحصيلة بين أربع دوائر كبرى؛ تاريخ المدن، والسيرة الغيرية، وتبسيط الأدب خصوصاً التراثي منه، إضافة إلى الأعمال الإبداعية وتتوزّع بين الكتابات القصصية وأدب الرحلة.
ضمن تاريخ المدن، تَقاسم قطبان مؤلفات الطويلي؛ القيروان حيث وُلد، وتونس العاصمة حيث عاش بين الجامعة والإذاعة. لكل مدينة خصّص الكاتب التونسيّ سفراً لتاريخها الثقافي والحضاري، كما وضع كتباً تتقاطع بين التاريخ والأدب؛ مثل: "مواقع مدينة تونس ومعالمها في الشعر"، و"تونس ملهمة الشعراء"، و"حدث بالقيروان"، و"مراكز الثقافة والتعليم بتونس في العهد الحفصي".
أما كتب السيرة، فإن مدوّنة الطويلي تمثّل موسوعة مبسطة تقودنا إلى شخصيات متعدّدة من تاريخ تونس الثقافي والسياسي ناهيك عن أعلام الحضارة الإسلامية، حيث ننتقل معه من ابن خلدون إلى عبد العزيز الثعالبي، ومن أبي القاسم الشابي إلى حازم القرطاجنّي، ولا نفتأ نمرّ بمحمود المسعدي، وزين العابدين السنوسي، والبشير خريّف، والطاهر الحداد.
هذه النزعة إلى الكتابة عن الشخصيات التاريخية وظّفها الطويلي في تذليل قراءة الأدباء القدامى؛ فتناول المتنبي والمعرّي والجاحظ والحصري ومالك بن أنس وعمر الخيام. وهذه منطقة وسطى بين دائرتَي التاريخ والأدب في كتاباته.
دون أن يفعل ذلك بشكل منهجي، يمكن القول بأن الطويلي كان مؤرخاً للأدب. يبرز ذلك بشكل مباشر في كتاب مثل "الحياة الأدبية بتونس في العهد الحفصي"، ولكن بأشكال أخرى وهو يتناول موضوعات بعينها فيرصدها على سلّم تاريخي واسع، ومن ذلك كتبه: "المرأة في عيون الشعراء"، و"كتب الحبّ عند العرب"، و"شعراء الغزل والخمريات"، و"الجواري المغنّيات"، و"مائة رواية تونسية"، و"كتب الفكاهة والنادرة عند العرب".
خلف هذه المادة الثرية، توجد انشغالات مثابرة للطويلي أبرزها جهوده في تحقيق الكتب التراثية، حيث أشرف على طبعة معاصرة من "طوق الحمامة" لابن حزم الأندلسي، وسهر على تحقيق الجزأين الثالث والرابع من كتاب "إتحاف أهل الزمان" لأحمد بن أبي ضياف، كما أخرج إلى النور دواوين أبي حامد الغزالي، وعبد اللطيف الطوير القيرواني، ومقامات السيوطي.
أما كتبه الإبداعية، فنجد ضمنها مجموعات قصصية أبرزها: "قسمة وطرح"، و"الليل يأتي"، و"المسافر"، كما عمل على تقديم التراث الديني للأطفال. وفي أدب الرحلة له: "من سيول إلى سنغافورة" و"رحلة الشرق والغرب".